الموارد التي تجسّد الضابطة الكليّة.
٥ ـ قال رسول الله : «إنّ أفضلكم مَن تعلّم القرآن وعلّمه» (١).
وغير خفيّ على القارئ النابه أنّ كيفية التعليم في عصر الرسالة تختلف كثيراً عن عصرنا ، فكلا العملين يعدّان تعليماً وتجسيداً لكلام الرسول يقصد به رضا الله سبحانه وتقرّبه إليه ، وليس للمتزمّت رفض الأساليب الحادثة لتعلّم الكتاب والسنّة.
والحقّ أنّ هذا الموقف موضع زلّة لأكثر من يصف عمل المسلمين في بعض الموارد بالبدعة ، بحجة عدم وجود دليل خاص عليه ، فقد ضلّوا ولم يميّزوا بين الدليل الخاص والدليل العام. وخصّوا الدليل بالأوّل ، مع أنّ الكتاب والسنّة مليئان بالضوابط والقوانين العامة وإليك بعض الأمثلة :
أ ـ قال سبحانه : (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (٢) فالآية تنفي أي سبيل للكافر على المؤمن ، ومن المعلوم أنّ السبل تختلف حسب تطور الحضارات ، وكثرة المواصلات ، وتشعّب العلاقات بين الناس. ففي عصر الرسالة كان السبيل السائد هو تسلّط الفرد الكافر على المسلم ، ككون العبد المسلم رقّاً للكافر ، أو تمليك المصحف منه وما قاربهما ، وأمّا في عصرنا هذا ؛ فحدّث عن السبيل ولا حرج ، فأين هو من تدخّل الكفّار في مصير المسلمين حكومة وشعباً حتى صار رؤساء الحكومات الإسلامية أسرى بيد الاستكبار العالمي.
ب ـ يقول سبحانه : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(٣) فإنّ التعاون الموجود في العصور السابقة كان محدوداً في إطار ضيّق ،
__________________
(١) البخاري ، الصحيح ٢ : ١٥٨ ؛ لاحظ سنن الترمذي رقم ٣٠٧١ وغيرهما.
(٢) النساء : ١٤١.
(٣) المائدة : ٢.