حرام بدعة ، وإليك التوضيح :
إنّ لكلّ قوم آداباً خاصة في لقاءاتهم السنويّة ، وأُمورهم العمرانية ، وفي كيفية استغلال الطبيعة ، فمثلاً ربّما تقتضي مصلحتهم تخصيص يوم واحد لتكريم زعيمهم ، أو يوم واحد للبراءة من عدوّهم ، أو توجب المصالح تطوير خدماتهم العمرانية وما ضاهاها ، أو استخدام أجهزة حديثة لاستغلال الطبيعة ، فقد ترك الشارع هذه الأُمور إلى الناس ، ولم يتدخل فيها إلّا بوضع الأُطر العامة لها ، وهي أن لا يكون العمل مخالفاً للقواعد والضوابط العامة ، ولو لا هذه المرونة لما كان الإسلام ديناً عالمياً سائداً ، ولتوقّفت حركته منذ أقدم العصور ، ونأتي بمثال لمزيد من التوضيح:
قد حدثت في العصور الأخيرة عدّة تقاليد في ميدان الألعاب الرياضية ؛ ككرة القدم ، والسلّة ، والطائرة ، والمصارعة ، والملاكمة ، وغير ذلك فبما أنّها امور عادية محدثة فلا تعدّ بدعة في الدين. ولو صحّ إطلاق البدعة فإنّما هو باعتبار المعنى اللغوي ، أي الشيء الجديد في ميادين الحياة ، لا في الأُمور الشرعية ، غاية الأمر يجب أن تحدد شرعيتها بالضوابط الكلية ، بأن لا يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء من اللاعبين ، وأن لا يكون هناك ضرر وإضرار كما هو المحتمل في الملاكمة.
والحاصل : أنّ الأصل في الأُمور العادية هو البراءة حتى يدلّ دليل على خلافه. وقد صرّح بذلك لفيف من العلماء منهم ابن تيمية ، يقول : إنّ أعمال الخلق تنقسم إلى قسمين:
١ ـ عبادات (١) : يتّخذونها ديناً ينتفعون بها في الآخرة أو في الدنيا والآخرة ، والأصل أن لا يشرَّع منها إلّا ما شرّع الله.
__________________
(١) يريد من العبادات : الأُمور الشرعية من دون أن تختص بما يعتبر في امتثالها قصد القربة.