ضدّ اليقين الذي هو مناط الايمان.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا ترتابوا فتشكّوا ولا تشكّوا فتكفروا ». (١)
وهو يدلّ على كفر الشاكّ ، وبمضمونه أخبار كثيرة.
وفي حديث أبي بصير عن الصادق عليهالسلام في من شكّ في الله تعالى قال : « كافر ، قال : فشكّ في الرسول ، فقال : كافر ، ثمّ التفت إلى زرارة فقال : إنّما يكفر إذا جحد » (٢).
وليس المراد من الجحود الإنكار الصريح ، أي الجزم بخلاف الحقّ وإن أدّى الشك إليه أحياناً ، والا لزم أن لا يكون كافراً ما لم يجزم به ، مع أنه ليس كذلك جزماً ، إذ الكفر ما قابل الإيمان ، واليقين مناطه ، فالشاكّ الذي لايقين له لاإيمان له ، ومن لاإيمان له فهو كافر ، بل المراد جحود كون الحكم يقينيّاً (٣) وإنكار كون دليله مثمراً لليقين.
واعلم أنّ هذا الشكّ الموجب للكفر غير الوسوسة وحديث النفس الحاصل أحياناً لعدم منافاتهما للايمان ، كما سيجيء.
وعلاجه أن يتذكّر أنّ النقيضين لا يجتمعان ولايرتفعان ، فيحصل له العلم من ذلك بكون إحدى المحتملات مطابقة للواقع ، وبطلان باقيها.
ثمّ يتصفّح أدلّة كلّ منهما ويعرضها على القياسات المنطقيّة باحتياط تامّ واستقصاء بليغ ، حتّى يطّلع على موضع الخطأ ، ويقف على ماهو الحق ، وهذه فائدة المنطق. ولو لم يقدر على ذلك واظب على مطالعة الأخبار ومجالسة العلماء الأخيار والصلحاء الأبرار من أهل اليقين والاستبصار ، حتّى ترتفع ظلمانيّة نفسه بنورانيّة نفوسهم ، وتقتبس من مشكاة يقينهم.
__________________
١ ـ الكافي : ٢ / ٣٩٩ ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الشك ، ح ٢.
٢ ـ المصدر : ح ٣.
٣ ـ فيه نظر ، لأن الظاهر أن هذه الرواية بقرينة حصر الذيل في بيان ضابطة الارتداد وأنّه إنّما يكون بالشك المضمّ إليه الجحود ، وأنّ الشك المحض من دون إنكار باللسان لايوجب الكفر ، فهي على خلاف ما ذكره المصنّف أدلّ منها على مقصوده.