فإن كان يحبّ أهل
طاعته ويبغض أهل معصيته ففيك خير ، والله يحبّك ، وإن كان يبغض أهل طاعة الله
ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير ، والله يبغضك ، والمرء مع من أحبّ » .
وقال عليهالسلام
: « لو أنّ رجلاً أحبّ رجلاً لله أثابه الله على حبّه إيّاه وإن كان المحبوب في
علم الله من أهل النّار ، ولو أنّ رجلاً لبغض رجلاً لله لاثابه الله على بغضه
إيّاه ولو كان المبغض في علم الله من أهل الجنّة » .
وقال الصادق عليهالسلام : « [ كلّ ] من لم يحبّ على الدين ولم
يبغض على الدين فلا دين له » .
والأخبار أكثر من أن تحصى ، ذكرنا هذا
القدر تبرّكاً.
واعلم أنّ الحبّ بين إنسانين يحصل
غالباً بمجرّد الصحبة الاتفاقيّة كصحبة الجار وأهل سوق واحد ، أو مدرسة واحدة ، أو
سفر واحد ، أو خدمة سلطان أو غير ذلك ، وظاهر أنّ أمثال هذه لاتعدّ من الحبّ في
الله ، بل هو الحبّ الاتّفاقي ، وربما يحصل من سبب وباعث آخر ، وهو على أقسام
أربعة أشرنا إليها في صدر المبحث.
أحدها : الحبّ لذاته لاليتوصّل إلى أمر
محبوب ومفقود وراءه ، بل يلتذّ برؤيته ومعيّته ومشاهدة أخلاقه استحساناً منه له ،
لما عرفت من لذّة الجمال في حقّ من أدركه ، واللذّة فرع الاستحسان ، وهو فرع
المناسبة والملائمة بين الطّباع ، والمناسبة إمّا ظاهرة كجمال الصورة ، أو كمال
العقل والعلم وحسن الأفعال والأخلاق ، وإمّا خفيّة معنويّة بين شخصين بخصوصهما ،
فكثيراً ما يستحسن رجل آخر من غير حسن ظاهر فيه بوجه من الوجوه ، بل لمناسبة
باطنيّة أو جبت إلفهما ، فإنّ شبه الشيء ينجذب إليه
__________________