له أسرارهأن ،
فإنّها لاتكشف إلا للمؤيّدين في فهم كتابه ، وإن مرّ بفعل كخلق السماء والأرض
وغيرهما تفكّر في عظمته ، إذ عظمة الفعل تدلّ على عظمة الفاعل ، وينبغي شهوده
الفاعل في الفعل ، إذ من عرف الحقّ رآه في كلّ شيء ، لأنّ كلّ شيء منه وله وبه
وإليه ، فهو واحد في الكلّ ، فمن لم يره فيما يراه لم يعرفه.
وإذا تلا شيئاً من عجائب صنعه فليتأمّل
فيها ثم يترقّى منها إلى أعجابها أي الصفة الصادرة عنه هذه الأعاجيب ، وإذا سمع
وصف الجنة والنار فليتذكّر أنّه لا نسبة لما في هذا العالم إلى عالم الآخرة ،
فلينتقل منه إلى عظمته تعالى مع الانقطاع إليه ليخلص من عقوبات تلك النشأة ويصل
إلى لذّاتها. ولايمكن استقصاء مايفهم من القرآن ، إذ لانهاية له.
(
قل لو كان
البحر مداداً لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي
).
الا أنّ كلّ واحد يستفيد منه بقدر
استعداده وصفاء نفسه.
ومنها : التخلّي عن موانع الفهم من
التعصّب والتقليد لما عرفت من كونهما حجابين لمرآة النفس يحجبانها عن انعكاس غير
ماتعتقده فيها ، وكذا الجمود على التفاسير الظاهرة ظنّاً أنّ غيرها تفسير بالرأي
وصرف الهمّة نحو تحقيق الحروف وما شاع بين القرّاء ، فإنّ ذلك أيضاً مانع عن
انكشاف الحقائق والإصرار على الذنوب الظاهرة والباطنة المظلمة للقلب الباعثة
لحرمانه عن انكشاف الأسرار والحقائق فيه.
قال الله تعالى : ( وما يتذكّر الا من ينيب
) (
تبصرة
وذكرى لكلّ عبد منيب )
( إنّما يتذكّر أولوا
الألباب ).
__________________