ثم وقع الشكّ في المحلّل ، كمن رمى صيداً فجرحه ثم وقع في الماء ثم صادفه ميتاً ، فلا يدري هل مات بالغرق أو بالجرح ، فيجب الاجتناب عنه في ظاهر الشرع ، عملاً بالاستصحاب ، أو بالعكس ، كالماء الطاهر المشكوك في وقوع نجاسة فيه وإن جاز التهجّم فيه في ظاهر الشرع ، لكن تركه من الورع ، أو يظنّ بالمحلّل ظنّاً مستنداً إلى دليل شرعي كحلية صيد رماه فغاب ثم أدركه مستاً وليس عليه أثر سوى سهمه فهو كحلّية الجنين بذبح أمّه ، ولعلّه مات قبل الذبح أو لم ينفخ فيه الروح ، أو بالعكس فيجب الاجتناب ، وإن استند إلى القرائن (١) تأكّد فيه الورع ، وإن لم يوجب تركه الفسق.
الثاني : اختلاط الحلال بالحرام بحيث لا يتميّز عن الآخر ، وقد ذهب بعض المحقّقين إلى التفصيل بين المحصور ، فأوجب فيه الاجتناب نظراً إلى وجوب المقدمة ، وأنّ الحكم بحلية المجموع يستلزم الحكم بحلّية الحرام اليقيني ، وغير ذلك من الأصول المفصّلة ي محلّها ، وغير المحصور فلم يوجب بل جعل الاحتياط فيه مهما أمكن من الورع نظراً إلى لزوم العسر والحرج وغير ذلك ممّا فصّل في محلّه ، والنصوص في الانائين والثوبين المشتبهين يعضده ، ولكنّ الأخبار في خصوص موارد المحصور متّفقة المقالة واضحة الدلالة على حلّية المجموع ، وتفصيل الكلام يطلب من محلّه ، فالورع في المحصور آكد (٢).
الثالث : اتّصال السبب الموجب للحلّ بمحرّم لا يقتضي فساد العقد ولا إبطاله.
إمّا في مقارناته كالبيع وقت النداء في يوم الجمعة والمذبوح بالسكّين المغصوب وفي تسميته شبهة نوع تسامح لكون الحلّ والعصيان معلومين ، فلا
__________________
١ ـ يعني الظنون الغير المعتبرة شرعاً.
٢ ـ التحقيق وجوب الموافقة القطبعية في اطراف العلم الإجمالي في الشبهة المحصورة ، ولا دلالة للأخبار على حلّية المجموع ، والتفصيل يطلب من مظانّه ، فالورع في المحصور لازم.