إن شاء الله تعالى.
ثم في كونه موجباً لتضييع أوقاته التي هي رأس ماله بحرمانه بسببه عن الذكر والفكر والعمل ، وقد عرفت أنّ بها تحصل الباقيات الصالحات المحصّلة للذّة اللقاء والمشاهدة التي هي اللذّة الحقيقية والسعادة الأبدية بعد الوفاة أعني صفاء القلب والحبّ والأنس ، فمن تركها واشتغل بما لايعنيه ممّا لا يترتّب عليه فائدة دينية ولا دنيوية فهو وإن لم يترتب على فعله إثم الا أنه مفوّت للربح العظيم الجسيم بشيء حقير لاوقع له أصلاً.
والغالب أنه يؤدّي إلى الخوض في الباطل ، بل الكذب والغيبة ، ولذا قال بعضهم : يهلك الناس في خصلتين : فضول المال وفضول الكلام.
وقال بعضهم : من كثر كلامه كثر كذبه.
وكما أنّ التكلّم بما لايعني مذموم ، فكذا سؤال ما لايعني عن الغير بل هو أشدّ ، لأنّه مضيّع به وقته ووقت المسؤول معاً مضافأ غلى تعريضه المسؤول لآفة غالباً ، كما إذا أراد إخفاء ما سألته عنك فإن سكت ولم يجب بشيء كان مستخفّاً بك ، وإن أجاب بغير الواقع كان كذباً وإن احتال للجواب وقع في تعب الفكر ، وكما إذا كان صائماً فسألته عنه ، فإن قال : نعم ، كان مرائياً أو ساقطاً عن درجة السرّ التي هي أفضل من الجهر بمراتب ، وإن قال : لا ، كان كاذباً ـ إلى آخر ما تقدّم (١) ـ فهذا وأمثاله مضافاً إلى كونها ممّا لاتعنيه تتضمّن إثماً وأذيّة.
__________________
١ ـ لم يتقدّم.