البدعة ، فالحاجة إلى استيجار البدرقة للحج ، فإذا ترك المبتدع هذيانه لم يفتقر إلى الزائد عمّا كان في العصر الأوّل ، فلو تجرّد للمناظرة ولم يسلك سبيل علماء الآخرة لم يبق له من العقائد والأعمال الا ما للعوام من أعمال ظاهر القلب واللسان ، وأمّا الأستنارة الباطنيّة وبرد اليقين والايمان ، فلايحصل للمتكلّم ، بل ربّما كان حاجباً للقلب عنها ، وإنّما تحصل من مجاهدة النفس ، كما قال تعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا ). (١)
ثم الأخبار في مدح علم الآخرة وكون التشيّع والتقرّب إلى الله سبحانه موقوفاً عليه كثيرة.
ثم لهذه العلوم فروع بعضها من قبيل المقدّمات الجارية منها مجرى الآلات ، كالعلوم العربيّة ، فإنها وإن لم تكن شرعية لكن لزوم الخوض فيها بسبب الشرع النازل بلغة العرب فلاتظهر معانيها الا بمعرفتها ، كما أنّ من الآلات علم كتابة الخط لعجز الأغلب عن الاستقلال بحفظ جميع مايسمع ، وبعضها من قبيل المتمّمات كعلم القراءة والتفسير وأصول الفقه والرجال والداراية ، فكلّها شرعيّات محمودة ، بل من فروض الكفاية.
تلخيص فيه إرشاد
قد تبيّن لك ممّا ذكر أنّ من العلوم ما يذّم قليلهوكثيره ، مثل ما يكون ضرره أكثر من نفعه كالسحر والطلسمات ونحوها ، فصرف العمر الذي هو أنفس البضاعة في أمثالها بطالة مذمومة إضاعة ، ولو فض فيها نفع دنيويّ لم يعتدّ به في مقابلة منا يترتّب عليه من الضرر.
ومنها : ما يحمد عليه مطلقاً بلا حدّ إليها ينتهي كالعلم بالله تعالى وصفاته وأفعاله ، فإنّه البحر الذي لايدرك غوره ، وإنّما يحوم المتحوّمون
__________________
١ ـ العنكبوت : ٦٩.