يعقبه؟ هل هناك دليل يقوم على نفي ذلك؟ لقد صور التأريخ مدى الإيرادات الضخمة التي طرحتها المدارس المادية إزاء خلق الإنسان ، وبصورة عامة خلق العالم وكذلك المصائب والمعاناة والآلام والويلات التي يواجهها الإنسان طيلة عمره القصير ، وأفضل نموذج على ذلك ما أورده الشاعر العربي المادي النزعة المعروف «إيليا أبو ماضي» والذي يختتم فيه أحد أشعاره باللازمة «لست أدري». كما نشاهد شبيه ذلك في أشعار الشاعر الفارسي المعروف «بهمني».
إلّاإنّنا نعتقد بأنّ أغلب هذه الإشكالات هي وليدة المطالعات المحدودة في الدنيا المادية لهذا العالم والانقطاع عن الحياة القادمة وعالم ما بعد الموت ، وهي بالضبط كتلك التي أوردها الفرخ الذي لم يخرج بعد من بيضته ، وقد مرّ علينا جانب من شعوره وحسابه للأمور.
طبعا إذا أغضضنا الطرف عن القيامة وحياة ما بعد الموت فسوف لن نمتلك إجابة على كثير من التعليلات ، أمّا إن نظرنا إلى هذه الحياة بصفتها حلقة تكاملية وسط سلسلة طويلة من التكاملات لتغير الحال ولحلت أغلب المسائل العالقة من خلال إرتباط حاضر الحياة البشرية بمستقبلها ، وأمّا قولنا أغلب المسائل ـ لاجميعها ـ فذلك لأنّ بعض هذه المسائل من قبيل الآلام والمصائب والويلات إنّما تنبثق عادة كنتيجة لأعمالنا أو نظامنا الاجتماعي الفاسد أو الحركات الاستعمارية أو الضعف والوهن والكسل ، وهي الأمور التي ينبغي التفتيش عن عواملها في كيفية الأنشطة الفردية والاجتماعية والعمل أجل إزالتها.
* * *