إجابة أوضح
لدينا سبيل أوضح لحل هذا الإشكال والذي يحتاج شرحه إلى مقدمات لابدّ من تأملها بدقة. (١)
١ ـ إنّ بدننا يتغير خلال عمرنا عدّة مرّات ، كالمسبح الكبير الذي يرده الماء من قناة صغيرة ويخرج بالتدريج من قناة صغيرة أخرى : فبعد مرور مدّة طويلة يتغير كلّه دون أن يشعر به ، وكما قلنا في بحث إستقلال الروح أنّ هذا القانون جاري ولا يستثنى منه أي من خلايا البدن حتى خلايا الدماغ.
ويرى البعض أنّ المدّة الزمانية اللازمة لتبدل جميع أجزاء البدن بالأجزاء الجديدة قد تكون سبع أو ثمان سنوات ، وهكذا يكون الإنسان الذي له سبعون سنة قد تبدل عشر مرّات منذ بداية عمره إلى نهايته.
٢ ـ كل بدن يتبدل ينقل صفاته إلى الخلايا التي إستبدلته ، ومن هنا فإن لون بشرة الإنسان وشكله ولون عينيه وسائر مميزاته باقية على حالها طيلة عمره ، رغم أنّ مواده قد تكون تغيرت عشر مرات ، وذلك يعزى إلى أنّ الخلايا حين التغير والتبدل تودع خواصها إلى الخلايا الجديدة ، والواقع هو أنّ البدن الإنساني إلى آخر العمر يشتمل على جميع المميزات والصفات والكيفيات التي كانت في البدن السابق ، ومن هنا يمكن القول : أنّ آخر بدن للإنسان هو عصارة جميع الأبدان طيلة عمره.
٣ ـ ما يفهم بوضوح من الآيات القرآنية إنّ الذي يعاد يوم القيامة آخر بدن للإنسان والذي يتبدل إلى تراب وله في الواقع جميع صفات الأبدان
__________________
(١) لم نعثر على هذا السبيل في أي من مؤلفات القدماء ، فهو يطرح لأول مرّة ، وعليه قد يحتاج إلى دراسات مستفيضة لتتضح ثمرته النهائية.