قانون العدالة في عالم الوجود
لابدّ أن نرى هنا هل يمكن الوثوق بوجود عدالة عامة وشاملة في ما وراء هذه الحياة ، أم أنّ البشرية تنتقل من هذا المكان دون أن توفي حسابها وليس هناك من شيء ينتظرها!
لو ألقينا نظرة إلى الحياة البشرية التي تشكل جانباً صغيراً جدّاً من نظام الخلقة وطالعنا بصورة عامة الوضع العام لعالم الوجود ، لرأينا قانون «النظام والعدالة» الذي يحكم جميع الأشياء ، والقانون المذكور على درجة من القوّة بحيث إنّ أدنى إنحراف عنه يؤدّي إلى فناء كل شيء «بالعدل قامت السموات والأرض» (١). فالنظام والعدالة هي سبب تلك الحركة العظيمة والوجود والسعة للسموات والأرض وجميع الكرات العظيمة التي ملأت أركان الوجود ، وما استمرار حبة غاية في الصغر «الذرة» خلال ملايين السنين بتلك الدقة والظرافة التي استعملت في بنيتها ، والذي ينبغي عادة أن يختل مثل هذا الجهاز اللطيف مبكراً ، أنّما هو وليد تلك العدالة والحساب الدقيق لنظام الالكترونات والبروتونات ، فليس هنالك من جهاز ـ صغير أم كبير ـ بمعزل عن هذا النظام الدقيق والعدالة العامة الشاملة سوى الإنسان!
* * *
هل الإنسان كائن إستثنائي؟
هناك فارق رئيسي بين الإنسان وكافة كائنات عالم الطبيعة ، وهو إتصاف الإنسان بتلك القدرة العجيبة التي تعرف بالإرادة والمقرونة بالحرية والإختيار ؛ أي إنّه يشخص الأشياء بعد المطالعة والفكر والبحث فما كان
__________________
(١) تفسير الصافي للفيض الكاشاني ، ذيل الاية ٧ من سورة الرحمن.