مُمَزِّقٍ انَّكُمْ لَفي خَلْقٍ جَدِيدٍ* افَتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً امْ بِهِ جِنَّة بَلِ الَّذِينَ لَايُؤُمِنونَ بِالآخِرةِ في الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعيدِ») (١)
فالذي يستفاد من كل هذه الآيات أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يتحدث عن عودة الجسم والمعاد الجسماني ولذلك كان يتعجب المخالفون فكان القرآن يرد عليهم ويقول : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ثُمَّ الَيهِ تُرجَعُونَ) (٢) وخلاصة القول فإنّ الف باء المعاد في القرآن الكريم هو المعاد الجسماني ـ العنصري وأنّ مَن يُوجه أو الأصح «يُحرف» كل هذه الآيات الحاكية عن المعاد الجسماني ويفسرها بالجسم المثالي وماشابه ذلك فلا يروم سوى التملص عن الحقائق!
المعاد الجسماني على ضوء العقل
اتضح تماماً من الأبحاث السابقة أنّ القرآن الكريم إنّما أراد «المعاد الجسماني» في كل موضع تعرض فيه لمسألة المعاد ، وقلّما نجد في محيط نزول القرآن من أنكر «المعاد الروحاني فقط» ، ومن هنا فإنّ الرهبة التي أصابت العرب الجاهلية من طرح القرآن لقضية المعاد إنّما تعود لبعده الجسماني.
والآن لابدّ أن نرى هل للعقل من دليل يؤيد هذا الكلام؟
يقول العقل : إنّ الروح والبدن حقيقتان لا تنفصلان عن بعضهما ، بل هما متصلتان تماماً ، فهما معاً كلزوم «المادة» لملزومها «الطاقة» ، فهما يتكاملان معاً ، وعليه فاستمرار بقاء أي منهما (لمدّة طويلة) ليس بممكن ، هذا من جانب.
__________________
(١) سورة سبأ ، الآية ٧ ـ ٨.
(٢) سورة الروم ، الآية ١١.