نفسي ، فشعرت وكأنّي طرحت حملاً ثقيلاً عن روحي وتنفست بكل حرية ، رغبت آنذاك بأن يكون لي جناحان فأحلق بهما كالطيور التي كانت تطير وترفرف بأجنحتها فوق رأسي ، ولكن لما كانت الحياة تقتضي عدم إستقرار الذهن والبال فقد دار في خلدي هذا الهاجس ، رغم أنّ تشبيه إنقضاء العمر بمرور الماء يمثل أروع مثال يمكن بيانه بالنسبة للحركة العامة وسرعة حركة عالم الحياة بل عالم الوجود الذي يأبى التوقف والسكون ، إلّاأنّي فكرت مع نفسي ليت شعري ما هي البشارة التي يحملها تصرم العمر لنكتفي بها كدلالة على إنقضاء العالم.
لنفرض أنّي قطرة من ملايين قطرات ماء هذا النهر وقد نبعت من عين حسب قوانين الخلقة وقد إندفعت خلال هذه الأحجاز والاشجار ، ولكن ما عساني أبلغ في نهاية المطاف ، قطعاً لايمكنني السير إلى الأبد ... فالتفكير بالمستقبل المجهول يؤرقني ، فهل سأتيه في مستنقع متعفن مليىء بالحيوانات الوضيعة ... ما هذه البشارة!
وهل تبخرنا وسط الصحراء القاحلة آخر هذه السهول الواسعة المترامية الأطراف يعد فخراً!
أم سأعود مرّة أخرى إلى ذلك البحر الواسع الذي نبعت منه في البداية دون أي هدف فأعيش حياة مكررة وجوفاء!
ياله من أليم تصرم العمر هذا الذي آخره مثل تلك الأمور!
سأغوص في أعماق الأرض إلى جوار جذور شجرة وعلى ضوء قانون «إسمز» أعبر قوة الجذب الأرضية فأتسلق الأغصان بسرعة وأتنقل بين العروق اللطيفة الجميلة والزهور العطرة فأصبح فاكهة فانهمك في صنع نفسي حتى أنضبح فتنقطع حاجتي إلى الغصن ثم أهبط من غصن الشجرة