لم أغصب أرض أحد.
لم آخذ لبن الأطفال الرضع.
لم أقطع أي نهر.
أنا طاهر ، طاهر ...
أيّها القضاة! اليوم يوم الحساب فخذوا هذا المرحوم فهو لم يذنب ولم يكذب. وهو لايعرف السوء ولم يجانب الحق والإنصاف في حياته وقد أتى بما يرضي الله ، لقد كسى العريان وذبح لله وأطعم الأموات ، فمه طاهر ويداه طاهرتان.
على كل حال فالذي يفيده التاريخ هو حالة التدين بصورة عامّة والإعتقاد الراسخ بحياة ما بعد الموت لدى سائر الحضارات والمدنيات الأخرى والتي تزامنت مع الحضارة المصرية أو بعدها من قبيل الحضارة الكلدانية والآشورية واليونانية والإيرانية.
والأهميّة التي حظى بها هذا الموضوع في الأديان العالمية الكبرى ممّا لاغبار عليه فلا يحتاج إلى أدنى توضيح ، وسنتعرف على نماذج ذلك في أبحاث القادمة.
هذا وقد نقل العالم الاسلامي المعروف كاتب «روح الدين الإسلامي» عبارة عن مجلة «ريدرزد ايجست» نوفمبر عام ١٩٧٥ عن «نورمان فن سنت بيل» أنّه قال : الحقيقة هي أنّ النشاط الغريزي بوجود عالم آخر بعد الموت يعدّ من الأدلة المحكمة على هذه المسألة ، لأنّ الله إذا أراد إقناع الإنسان بحقيقة غرسها في أرض غرائزه وفطرته ، فالاعتقاد بحياة خالدة في العالم الآخر هو نوع من الشعور العام في باطن وجود كافة الأفراد بحيث لايمكن النظر إليه بازدراء.