قال : «إن الله
خلق النساء أفواجا ، وجعل الرجال لهن أزواجا ، فينتجن لنا سخالا إنتاجا».
فقالت : أشهد أنك
نبي .
إلى آخر ما نقل عن
مسيلمة من مثل هذا الهزء ، مما لا داعي للإطالة به ، ومما يدل على فساده بنفسه.
ولذلك لم يشتغل
الناس به ، ولم يلتفتوا إليه.
أين هذا الكلام من
كلام الله الذي يكشف أسرار الكون ، ويزيل ألغاز الحياة ، ويضع للإنسان أعظم
المبادي التي تضمن له السعادة والطمأنينة والاستقرار ، بأسلوب سبى العقول ، وأثر
في القلوب ، وأذهل فحول الشعراء والبلغاء والعظماء ..؟!.
ولذلك روي أن أبا
بكر الصديق رضي الله عنه سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة ، سألهم عما يقوله
مسيلمة ، فحكوا له بعض ما ذكرناه عنه في الأسطر السابقة ، فقال رضي الله عنه :
سبحان الله ، ويحكم إن هذا الكلام لم يخرج عن إلّ ، فأين كان يذهب بكم؟.
يريد بذلك أنه لم
يخرج عن ربوبية.
لقد أدرك ـ رضي
الله عنه ـ بسليقته العربية ، كما يدرك كل متذوق للغة ، أدرك أن هذا الكلام لا
يمكن أن يخرج عن الربوبية ، لما فيه من الركة والسخف ، والعجز والضعف ..
أو يقال بعد هذا :
إن القرآن عورض ..؟ اللهم لا ..
إلا أنه قد يقال :
هب أن العرب قد عجزوا عن معارضة القرآن ، أو ليس من الممكن أن يكون غير العرب من
الأمم الأخرى قد عارضوه ، ولا سيّما أنه لم يقصر التحدّي على العرب فقط ، بل كان
شاملا لجميع من في الأرض؟.
__________________