وهكذا نطرد القول في كل من حاول تحريف آيات القرآن بإعطائها معنى جديدا غير المعنى المفهوم منها حسب لغة العرب وقواعدها.
من أجل هذا الزم العلماء قديما وحديثا ألزموا من فهم من الكلام غير مدلوله العربي ـ ألزموه الكفر والإلحاد.
وذلك لأنه لو كان يجوز للإنسان أن يفهم من القرآن ومن الكلام ما يروق له ، مما يتفق مع شهواته وأهوائه ، دون ضابط لغوي ، أو قاعدة سليمة ، لأدى هذا إلى تحريف القرآن ، وتبديل الدين ، وتغيير الأحكام واضطراب المعارف ، وتزييف الحقائق ، وتسفيه العقول ، ولجعل الإنسان سوفسطائيا مجنونا ، بدلا من أن يصير عالما عاقلا.
تجنب العلماء وردهم لكل ما كان فيه بعد من المعاني :
ولهذا الذي ذكرناه ، حرص علماؤنا سلفا وخلفا على تجنيب القرآن كل ما من شأنه أن يؤدي في نهاية الأمر إلى البعد عن مدلولاته العربية ، والانحراف عن معانيه الأصلية ، سدا للذرائع ، ودرء للمفاسد ، وطردا لباب الانضباط في دائرة المعاني التي وضعت لها لغة العرب ، ودلت عليها.
ومن أجل هذا رد العلماء كل تفسير فيه تكلف أو بعد ، ولو كان معقولا.
من ذلك ما ذكره بعض المفسرين من المعاني المتكلفة في البسملة ، كقول بعضهم في كلمة (بِسْمِ) من (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) إذ قال :
الباء : بهاء الله ، وبركته ، وبره ، وبصيرته.
والسين : سناؤه ، وسموه ، وسيادته.
والميم : مملكته ، ومجده ، ومنّه.
وقال بعضهم : إن الباء تعني : أنه بريء من الأولاد ، والسين : سميع الأصوات ، والميم : مجيب الدعوات.
وقال بعضهم : إن الباء تعني : بارئ الخلق ، والسين : ساتر العيوب ، والميم تعني : المنان.