فقال جعفر بن أبي طالب : نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلىاللهعليهوسلم ، يقول : هو عبد الله ورسوله وروحه ، وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فأغضب هذا الكلام البطارقة الذين كانوا حول النجاشي ، ونخروا نخرة رجل واحد ، وكادت تقع الكارثة.
إلا أن النجاشي ضرب بيده إلى الأرض ، فأخذ منها عودا ثم قال : والله ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود.
وجه الاستدلال على عدم المعارضة بما ذكرناه :
فهذا غيض من فيض ، وقليل من كثير ، من المحاولات التي لا سبيل إلى حصرها ، والتي كانت تهدف إلى إيجاد التناقض أو الخلل في القرآن ، وإحراج رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، لإبطال دعوته ، من المشركين على حدة ، واليهود على حدة ، والنصارى على حدة ، ومن المشركين واليهود ، أو المشركين والنصارى معا.
محاولات يائسة ، وأوهام باطلة ، كلها تهدف إلى التشكيك في أمر القرآن والدين الجديد.
فلو كان القرآن قد عورض من قبل فصحاء العرب ، لشاع هذا الأمر وذاع ، وملأ الفيافي والبقاع ، ولقال كل مشرك ، وكل يهودي ، وكل نصراني ، وكل معارض لهذا الدين : إن معجزة محمد صلىاللهعليهوسلم قد بطلت ، وقد أتى العرب بكلام هو أفصح من القرآن وأبلغ ، وهذا يدل على بطلان دينه.
لأن هذا من أهم الأمور التي تتوفر الدواعي على نقلها وإشاعتها ، بل يتهافت الناس عليها تهافت الفراش على النار ، ومن المستحيل كتمانها.
وإذا كان المشركون يفرحون بالأمور التافهة ، التي ذكرنا بعض أمثلتها ، والتي كانوا يظنون أنها سوف توجد التناقض أو الخلل في القرآن ، ويشيعونها ويذيعونها ، فكيف يكون حالهم لو أن القرآن عورض حقا.