كيف لا ...؟ وفيهم فحول الشعراء ، والخطباء ، والبلغاء ، الذين ملئوا حياة العرب ودنياهم بشعرهم وخطبهم وبلاغتهم.
إذن فلم يبق إلّا شيء واحد ، ألا وهو التسليم بأن هذا الكلام ليس من كلام البشر ، وإنما هو من كلام الله.
وهذا ما أخذوا يعترفون به الواحد تلو الآخر ـ على ما سنعرفه قريبا ـ ولم يبق أمامهم إلّا أن يؤمنوا برسول الله صلىاللهعليهوسلم كما آمن السحرة بموسى بعد أن أفحموا بمعجزته.
وأما من أبى واستكبر عن الإيمان ، فلم يكن لأنه لم يدرك المعجزة ، ولم يسلم بها ، وإنما كان عنادا واستكبارا ، كاستكبار فرعون أمام معجزة موسى عليهالسلام.
اعترافات المشركين بالاعجاز :
لم يقف الأمر بالنسبة للقرآن الكريم عند حد الإعجاز الذي أدركه كل عربي ، من مسلم وكافر ، إذ رأوا عجزهم عن معارضته في كل مراحل التحدّي.
ولكن الأمر تعدّاه إلى مرحلة الاعتراف بأن هذا الكلام ليس من كلام البشر ، وإنما هو من كلام الله ، وسواء في هذا الاعتراف المسلم والكافر ، إذ تأثر الجميع بحلاوته ، واهتزت مشاعرهم لطلاوته ، وانفعلت أحاسيسهم بأساليبه.
الوليد بن المغيرة :
فها هو الوليد بن المغيرة ، وهو من أعتى المشركين ، وأشدّهم أذى على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، يعترف أمام المشركين جميعا ، بأن هذا القرآن ليس من قبيل زمزمة الكهّان ولا سجعهم ، وليس من قبيل وسوسة المجانين ولا تخاليجهم ، وليس من قبيل الشعر وأوزانه.
ثم يقول في وصفه قالة المتأثر به ، المفتون بجماله المستسلم لإعجازه : إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر ، وإنه يعلو