احتمال المعارضة من غير العرب والرد على كتاب ماني وزرادشت
قد ذكرنا في الفقرة الماضية احتمال إثارة سؤال حول إمكانية معارضة القرآن من غير العرب ، من الأمم الأخرى ، التي تحداها القرآن أيضا ، إذ لم يكن الخطاب موجها للعرب فقط ، وإنما كان موجها لكل من في الأرض من العرب والعجم ، والإنس والجن.
والجواب على هذا : هو ما ذكرناه من عدم النقل إلينا ، مع توفر الدواعي ، وذلك أن الاهتمام بإبطال النبوّة لم يكن من قبل العرب فقط ، بل من قبلهم وقبل غيرهم ، كما رأينا في الفقرات الماضية ، ومع هذا لم ينقل إلينا عن واحد من أهل الأرض ، لا من العرب ، ولا من غيرهم أنهم عارضوه ، ولو عورض لنقل ، على ما ذكرناه سابقا.
وثانيا : إذا كان العرب وهم أهل اللسان ، وفرسان البلاغة والبيان ، قد عجزوا عن المعارضة ، فلا شك أن غيرهم من الأمم الأخرى التي لا تعرف اللسان العربي ، لا شك أنها تكون أعجز.
قال الإمام الباقلاني : فإن قيل : إن المجوس تزعم أن كتاب زرادشت وكتاب ماني معجزات ..؟.
قيل : الذي يتضمنه كتاب ماني من طرق السحر ، وضروب الشعوذة ، لا يقع فيها إعجاز ، ويزعمون أن في الكتاب الحكم ، وهي حكم منقولة ، متداولة على الألسن ، لا تختص بها أمة دون أمة ، وإن كان بعضهم أكثر اهتماما بها ، وتحصيلا لها ، وجمعا لأبوابها.
دعوى معارضة ابن المقفع
قال الباقلاني : وقد ادّعى قوم أن ابن المقفع عارض القرآن ، ثم قال : وليس يوجد له كتاب يدّعي مدع أنه عارض فيه القرآن ، بل يزعمون أنه اشتغل بذلك مدة ، ثم فرق ما جمع واستحيا لنفسه من إظهاره ، فإن كان كذلك ، فقد