الاعجاز بالصرفة
والإعجاز بالصرفة ليس نوعا من الإعجاز ، كالذي سبق ذكره وبيان بطلانه ، وإلا لهان الخطب ، وإنما هو في الحقيقة شبهة حول إعجاز القرآن.
وخلاصة هذا القول أن القرآن الكريم ليس بمعجزة في ذاته ، وأنه إنما صار معجزة بإعجاز الله الخلق عن تحديه ومعارضته.
وذلك أنهم قالوا : إن القرآن مؤلف من كلام العرب وتراكيبهم ، ولم يخرج عن أساليبهم وصورهم ، بل هو جار على منوالهم ، سالك سبيلهم ، ولذلك فإنه لا يزيد بفصاحته عن فصاحة بعض الفحول من شعراء الجاهلية ، أو أن فصاحة بعض الفحول من شعراء الجاهلية لا يكون دون فصاحته (١).
أي أن العرب كانوا قادرين بما عندهم من الفصاحة والبلاغة التي لم يخرج القرآن عن طورها ـ كانوا قادرين على معارضة القرآن والإتيان بمثله ، أو بمثل بعض سوره ، فهو في ذاته لا إعجاز فيه.
وإنما صار القرآن معجزا ، لأن الله تعالى أعجز الخلق بمنعهم من الإتيان بمثله ، مع قدرتهم عليه.
وإني لا زلت منذ أن سمعت هذا القول في أوائل طلبي للعلم ، إلى هذا اليوم ، لا زلت أستغرب من هذا القول وقائله ، ولا سيما بعد أن اطلعت على ما اطلعت عليه من ضروب الإعجاز الغيبي والعلمي في القرآن ، مما سنذكره إن شاء الله في الصفحات القادمة.
__________________
(١) القواطع ص ٢٥٤.