وتابع العلماء المسيرة ، وواصلوا البحث للوقوف على السر الجديد المذهل في الخلية الإنسانية ، والذي خلقه الله أيضا زوجين ، ولكنه في هذه المرة لا ليحدد صفة المولود ، هل هو ذكر أو أنثى ، وإنما ليحدد نوعه ، هل هو إنسان ، أو قرد ، أو حصان ، أو نوع آخر من أنواع الحيوان الكثيرة ، على أنه أيضا كان زوجا زوجا ، على قانون الله في الزوجية في كل شيء.
وذلك أن كل خلية من خلايا الكائن الحي الكثيرة ، والتي تعد بالملايين ، تحتوي في داخلها على نواة ، هذه النواة تحتوي في داخلها على «كروموسومات أو صبغيات» وهذه الكروموزومات أو الصبغيات هي التي تحدد نوع الكائن الحي ، بسبب عددها في الخلية ، فإذا كانت الخلية خلية إنسان ، فإنها تحتوي في داخل نواتها على ستة وأربعين كروموزوما ، وإن كانت خلية قرد من نوع الريسوس ، فإنها تحتوي على (٤٢) اثنين وأربعين كروموزما ، وإن كانت خلية بقر ، فإنها تحتوي على (٦٠) ستين كروموزوما ، وهكذا نجد أن نوع الكائن الحي يختلف باختلاف عدد الكروموزومات فيه.
وهذه الكروموزومات دائمة الانقسام ، بسبب انقسام الخلية ، لتعويض الجسم عن الخلايا التي تموت فيه باستمرار ، والتي تقدر أيضا بالملايين.
والخلية عند ما تنقسم لا بدّ أن يحتوي كل جزء من جزأيها الجديدين على نفس العدد من الكروموزمات ، وإلا لحدثت الكارثة ، وتغير نمو المخلوق وشكله.
ولو كان انقسام الخلية يؤدي إلى أن يأخذ كل قسم من أقسامها نصف الكروموسومات في الخلية الأم ـ لأدى هذا إلى كارثة أفدح ، وذلك أن الخلية ستنقرض بعد عدة انقسامات لها.
ولكن ما هو السر الذي نريده من هذه المعلومة ..؟.
السر في ذلك أن هذه الكروموسومات قد جاءت أيضا أزواجا ، فإنك تجد كل زوجين منها متشابهين تمام الشبه ، ويكون أحدهما إلى جانب الآخر كالقرين له ، ولا سيما في حالتي اجتماع الأزواج وانقسامها.