إلا أن معارفنا
الحديثة اكتشفت معنى جديدا لهذه الآية ، يطابق مدلولها أيضا ، إلا أنه بصورة أوضح
من الصورة السابقة القديمة ، وفي نفس الوقت يعطينا معنى جديدا من معاني الإعجاز
العلمي ، وذلك باكتشاف الأمواج الباطنية الداخلية في مياه المحيط.
ولتترك الكلام
لشارل. ل. كارسون صاحب كتاب «البحر المحيط بنا» إذ يقول :
«فأضخم أمواج
المحيط وأشدها رعبا هي أمواج غير منظورة ، تتحرك في خطوط سيرها الغامضة بعيدا في
أعماق البحار.
وقد كان من
المعروف منذ سنين كثيرة أن سفن البعثات إلى القطب الشمالي كانت تشق طريقها بكل
صعوبة ، فيما كان يسمى ب «الماء الميت» والذي عرف الآن أنه «أمواج داخلية».
وفي أوائل عام
١٩٠٠ لفت الأنظار كثير من مساحي البحار الاسكندنافيين إلى وجود أمواج تحت سطح
الماء.
والآن وبالرغم من
أن الغموض لا يزال يكتنف أسباب تكوين هذه الأمواج العظيمة ، التي ترتفع وتهبط
بعيدا أسفل السطح ، فإن حدوثها على نطاق واسع في المحيط قد أصبح أمرا معروفا جدا ،
فهي تقذف بالغواصات في المياه العميقة ، كما تعمل شقيقتها السطحية على قذف السفن ،
ويظهر أن هذه الأمواج تتكسر عند التقائها بتيار الخليج وبتيارات أخرى قوية في بحر
عميق» ١.
فنحن الآن بعد أن
وضعنا أيدينا على هذا الاكتشاف العلمي الجديد نستطيع أن نفهم الآية فهما جديدا ،
لا يتعارض مع الأول ، إلا أنه يوضحه ويبينه.
فقوله تعالى : (يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) فيه إشارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض إلى هذه الأمواج
الداخلية التي تكلم عنها العلم الحديث وأثبتها ، كما يشير إلى الأمواج السطحية
التي نراها ونعرفها ، وهذا المعنى واضح من قوله