بينهم الاختلاف والتنازع ، وفاتهم من الحق بقدر اهمالهم له ، ذلك هو تحكيم الوحي المبين في كل مسائل الدين ، أصوله وفروعه وايثاره على تقليد المشايخ والآباء في أقوالهم بلا بينة ، فهناك حكمان اثنان لا يحكمان الا بكل ما هو حق وعدل ، ولا يعقل أن يصدر منهما حكم بخلاف ذلك ، فأولهما كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والذي من قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، وفيه الشفاء من جميع أمراض القلوب ، وهدى كل ضال حيران.
والثاني هو كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي أمره الله أن يحكم بين الناس بما أنزله إليه ، وأن يبلغهم البلاغ المبين ، وأن يبين لهم ما نزل إليهم ، قال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء : ٦٥] فإذا دعي الانسان لغير حكمهما فيجب أن يرفض بكل اباء ، وأن لا يجيب من يدعوه إلى ذلك قائلا له بملء فمه لا ، ولا كرامة ولا نعمى ولا طاعة لمن يدعو الى الكفر والطغيان. وأما اذا دعي الى الله ورسوله فليقل على السمع والطاعة في غير إباء ولا استكبار. قال تعالى : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور : ٥١].
* * *
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا |
|
فأثبت فصيحتهم كمثل دخان |
يرقى إلى الأوج الرفيع وبعده |
|
يهوي الى قعر الحضيض الداني |
هذا وإن قتال حزب الله بال |
|
أعمال لا بكتائب الشجعان |
والله ما فتحوا البلاد بكثرة |
|
أنى وأعداهم بلا حسبان |
وكذاك ما فتحوا القلوب بهذه ال |
|
آراء بل بالعلم والايمان |
الشرح : يجب على صاحب الحق المستمسك بأهداب الوحي أن لا يعبأ بكثرة الخصوم ولا يفزعه صياحهم وضجيجهم ، فإن كيد الباطل ضعيف مآله إلى