نطقت به آيات الكتاب الكريم ، ووردت به الأخبار الصحيحة ، من اتيانه عزوجل ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين العباد ، كقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) [البقرة : ٢١٠] يعني ما ينتظر هؤلاء الا وقوع ذلك الأمر العظيم ، وهو أن يأتيهم الله في ظلل الغمام وتأتي معه الملائكة وقضي الأمر ، يعني فرغ من حسابهم ، وعطف الملائكة هنا على الله ينفي تأويل المعطلة بأن الاتيان للملك ، فهو كقوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر : ٢٢] ولكن قد يقول المعطل ان اتيان الرب عزوجل هو اتيان امره كما في قوله تعالى في سورة النحل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) [النحل : ٣٣] فيرد عليه بتلك الآية التي تأخذ بخناقه ولا يجد لتأويلها مساغا أعني قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ) [الأنعام : ١٥٨] فان الترديد هنا بين اتيان الرب والملائكة ، والآيات أوضح دليل على ان المراد مجيء ذاته لا أمره ، فإنه مذكور بين الأمرين الآخرين وهما مجيء الملك والآيات ، فكيف يجوز تأويله بأحدهما ، واذا ثبت مجيء الرب وإتيانه جل شأنه بهذه الآية القاطعة ، فمن أين يأتي اذا؟ والجهات المعروفة ست ، هي الفوق والتحت ، واليمين والشمال ، والأمام والخلف ، فليقل لنا هؤلاء المعطلة أي هذه الجهات يختارون ليكون منها مجيء الرب واتيانه ، لا يعقل أبدا أن يجيئهم من تحتهم ـ تعالى الله عن ذلك ـ وكذلك لا يعقل أن يجيئهم من خلفهم ولا من أمامهم ، ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم ، فلم يبق الا أن يأتيهم من العلو المطلق الذي هو فوق الأمكنة جميعا.
* * *
فصل في الاشارة الى ذلك من السنة
وأكثر حديثا في الصحيح تضمنت |
|
كلماته تكذيب ذي البهتان |
لما قضى الله الخليقة ربنا |
|
كتبت يداه كتاب ذي الاحسان |