عندهم لا يتكلم متى شاء ، ولا يحب ولا يرضى ، ولا يغضب ولا يسخط ، ولا يجيء يوم القيامة ، ولا ينزل كل ليلة كما وردت الأخبار الصحيحة بذلك.
والمقصود أن الجهم إذا كان ينفي صدور الفعل من العبد ، وكان الفعل ليس قائما بالرب ، فإذا جمع القولان كل منهما إلى الآخر أنتجا قضية من أكذب الكذب ، فإن السلب لا ينتج إلا سلبا ، فإذا نفى صفات الرب وفعله وكلامه ، ونفى مع ذلك فعل العبد ، أنتج ذلك أن لا خلق ، ولا أمر ، ولا وحي ، ولا تكليف عبد فان.
* * *
وقضى على أسمائه بحدوثها |
|
وبخلقها من جملة الأكوان |
فانظر إلى تعطيله الأوصاف وال |
|
أفعال والأسماء للرحمن |
ما ذا الذي في ضمن ذا التعطيل من |
|
نفي ومن جحد ومن كفران |
لكنه أبدى المقالة هكذا |
|
في قالب التنزيه للرحمن |
وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه |
|
عجلا ليفتن أمة الثيران |
وكساه أنواع الجواهر والحلى |
|
من لؤلؤ صاف ومن عقيان |
فرآه ثيران الورى فأصابهم |
|
كمصاب إخوتهم قديم زمان |
عجلان قد فتنا العباد بصوته |
|
إحداهما وبحرفه ذا الثاني |
الشرح : كما نفى الجهم صفات الرب عزوجل وأفعاله ، فهو كذلك ينفي أسماءه الحسنى التي سمى بها نفسه والتي سماه بها رسوله صلىاللهعليهوسلم ويرى أنها أسماء لبعض مبتدعاته ، وأنها حادثه ، وإنما تطلق عليه سبحانه على سبيل المجاز. ومن العجب أن هذا الجهم مع غلوه في النفي والتعطيل ، ومع ما يتضمنه هذا التعطيل من الكفر والانكار والجحود يصوغ ذلك في عبارات يوهم بها الأغرار أنه إنما يقصد تنزيه الرب عما لا يليق به من المشابهة لخلقه ، ويصوغ من ذلك الكفر الشنيع عجلا ليفتن به أمة الجهل والضلال ، لا سيما وقد كساه من حلل التمويه وزخارف التحريف ما بهر أبصارهم ، ففعلوا به حين رأوه ما فعله إخوة لهم من