يذكر ضده ويصرح به في كل مجتمع وزمان ، هل ترونه كان عاجزا عن قوله استولى بدلا من استوى ، أو عاجزا عن قوله ينزل أمر ربنا بدلا من قوله ينزل ربنا الخ ، ولا سيما إذا كانت الألفاظ التي نطق بها موقعة في اللبس والايهام. ولأي شيء عبتم على الأئمة أقوالهم ، وهم لم يقولوا غير ما قاله الرسول بلا تبديل ولا كتمان ، لكن عقول أهل زمانهم القاصرة ضاقت عن فهم دقائق ذلك العلم وعجزت عن حل أسراره ، فهي أشبه شيء بالخفاش الذي لا يبصر ولا يطير إلا في الظلام ، حتى إذا طلع عليه النهار كف عن الطيران لعجزه عن الابصار.
* * *
وكذا عقولكم لو استشعرتم |
|
يا قوم كالحشرات والفيران |
أنست بايحاش الظلام وما لها |
|
بمطالع الأنوار قط يدان |
لو كان حقا ما يقول معطل |
|
لعلوه وصفاته الرحمن |
لزمتكم شنع ثلاث فارتئوا |
|
أو خلة منهن أو ثنتان |
تقديمهم في العلم أو في نصحهم |
|
أو في البيان أذاك ذو امكان |
أن كان ما قد قلتم حقا فقد |
|
ضل الورى بالوحي والقرآن |
اذ فيهما ضد الذي قلتم وما |
|
ضدان في المعقول يجتمعان |
بل كان أولى أن يعطل منهما |
|
ويحال في علم وفي عرفان |
أما على جهم وجعد أو على |
|
النظام أو ذي المذهب اليوناني |
الشرح : يعني كما عجزت عقول أسلافكم في النفي والتعطيل عن رؤية الحق الواضح في كلام الله وكلام رسوله ، وسلف هذه الأمة من أئمة الهدى والعلم ، فكذلك عقولكم مثل عقولهم في الغمة والضلال ، فهي لا تأنس إلا بظلام التعطيل والتأويل ، ولا قدرة لها على مطالعة نور الحق الواضح الصريح.
ولو كان حقا ما تقولونه أيها المعطلة النافون لعلوه تعالى ولسائر صفاته لزمكم أن تكونوا أعلم بهذا الشأن من الله ورسوله ، أو أخلص في النصح للأمة أو أقدر على التعبير والبيان ، فهل يمكن أن تلتزموا واحدة من هذه الشنع الثلاث أو