كلام الله الذي هو غير مخلوق ، وبين ما هو من فعل العباد من القراءة أو الكتابة أو الحفظ أو السماع الذي هو مخلوق.
وأما خصوصهم فطائفتان : طائفة الجهمية والمعتزلة ، وهؤلاء ذهبوا الى أن القرآن كله بألفاظه ومعانيه مخلوق ، وذلك بناء على مذهبهم في نفي الصفات ، وزعموا أن الله متكلم بمعنى خالق للكلام ، فالله عزوجل عندهم لا يتكلم بكلام هو صفة له قائمة به ، ولكنه يخلق الكلام ، أما في الهواء أو في اللوح المحفوظ أو في غيرهما ، واحتجوا لمذهبهم بالآيات التي تدل على حدوث القرآن من مثل قوله تعالى : (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) [الأنبياء : ٢] ولا شك أننا لا ننازعهم في الحدوث ، ولكنهم يبنون عليه الحكم بأنه مخلوق ، اذ كل حادث عندهم مخلوق ، فإنهم لم يثبتوا الا قديما واحدا وهو ذات الله عزوجل ، وما وراءها فهو حادث مخلوق ، ولهذا نفوا الصفات فرارا من القول بتعدد القدماء.
وأما الطائفة الأخرى فهم الكلابية والأشعرية ، ذهبوا الى أن القرآن ألفاظ ومعان ، فألفاظه المتلوة المسموعة المكتوبة في المصاحف حادثة مخلوقة ، وأما معانيه المعبر عنها بتلك الألفاظ فقديمة قائمة بذاته تعالى ، ويسمونها الكلام النفسي وهو عندهم معنى واحد لا تعدد فيه ولا تبعض.
وهذا هو معنى قول المؤلف رحمهالله (والآخرون) يعني الكلابية والاشعرية أبوا القول بما قاله المعتزلة من أن القرآن كله مخلوق ، وقالوا شطره ، أي نصفه وهو اللفظ خلق ، يعني مخلوق ، وشطره الآخر ، وهو المعاني قام بالرحمن ، يعني أنه صفة له فالمعاني عندهم ترجع الى الصفة القديمة ، وأما الالفاظ فحادثة مخلوقة.
* * *
زعموا القرآن عبارة وحكاية |
|
قلنا كما زعموه قرآنان |
هذا الذي نتلوه مخلوق كما |
|
قال الوليد وبعده الفئتان |
والآخر المعنى القديم فقائم |
|
بالنفس لم يسمع من الديان |