والأمر عين النهي واستفهامه |
|
هو عين اخبار وذو وحدان |
وهو الزبور وعين توراة وان |
|
جيل وعين الذكر والفرقان |
الكل شيء واحد في نفسه |
|
لا يقبل التبعيض في الأذهان |
ما ان له كل ولا بعض ولا |
|
حرف ولا عربي ولا عبراني |
الشرح : يعني أن الكلابية أتباع ابن كلّاب (بضم الكاف وتشديد اللام) والأشعرية أتباع أبي الحسن الأشعري زعموا أن هذا القرآن الموجود بين دفتي المصحف؟ والذي نقرؤه بالألسنة ونحفظه في الصدور ليس كلام الله ، وانما هو عبارة وحكاية عن كلام الله ودال عليه فقط ، وتسميته قرآنا أو كلاما مجاز من قبيل تسمية الدال باسم المدلول وعلى زعمهم هذا يكون هناك قرآنان : هذا الذي نتلوه بألسنتنا ونكتبه في مصاحفنا ونحفظه في صدورنا ، وهو عندهم مخلوق كما وصفه بذلك أحد أئمة الكفر ، وهو الوليد بن المغيرة حين فكر وقدر : (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) [المدثر : ١٩ ، ٢٥] وكما وصفه بذلك أيضا الفئتان من الجهمية والمعتزلة بعد الوليد حيث قالوا أن القرآن ليس الا هذه الالفاظ الحادثة المخلوقة.
وأما الآخر فهو المعنى القديم القائم بالنفس ، وهو الكلام عندهم على الحقيقة ولا يكون بحروف وأصوات مسموعة ، بل هو عندهم معنى واحد في الأزل لا انقسام فيه ولا تبعض ، فالأمر فيه عين النهي ، والاستفهام عين الخبر ، وكذلك الزبور فيه عين التوراة ، والإنجيل عين القرآن ، الكل شيء واحد في نفسه هو الأمر بكل مأمور ، والنهي عن كل محظور ، والخبر عن كل مخبر عنه ، ان عبر عنه بالعربية صار قرآنا ، وان عبر عنه بالعبرانية كان توراة ، فلا يقبل هذا المعنى الواحد التبعيض والانقسام اصلا ، بل ليس له كل ولا بعض ، ولا هو مركب من حروف وأصوات ، ولا عربي ولا عبراني.
* * *