لكن أصوات العباد وفعلهم |
|
كمدادهم والرق مخلوقان |
فالصوت للقاري ولكن الكلا |
|
م كلام رب العرش ذي الاحسان |
هذا إذا ما كان ثم وساطة |
|
كقراءة المخلوق للقرآن |
فإذا انتفت تلك الوساطة مثل ما |
|
قد كلم المولود من عمران |
فهنالك المخلوق نفس السمع لا |
|
شيء من المسموع فافهم ذان |
هذي مقالة أحمد ومحمد |
|
وخصومهم من بعد طائفتان |
إحداهما زعمت بأن كلامه |
|
خلق له ألفاظه ومعاني |
والآخرون أبوا وقالوا شطره |
|
خلق وشطر قام بالرحمن |
الشرح : بعد أن بين أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وأن الله تكلم به على الحقيقة بلفظه ومعناه ، ذكر أن أصوات العباد بالقرآن وكتابتهم له ، والمداد الذي يكتبون به والورق الذي يكتبون عليه ، كل ذلك مخلوق ، ولكن المقروء والمكتوب هو كلام الله ، فإذا قرأ القارئ القرآن. فصوته بالقرآن مخلوق ، ولكن القرآن المؤدى بذلك الصوت غير مخلوق ، وكذلك إذا كتبه الكاتب في المصحف فالكتابة نفسها فعل الكاتب ، وهي مخلوقة ، ولكن المكتوب كلام الله ، فالمقروء بالألسنة والمكتوب في المصاحف والمحفوظ في الصدر هو كلام الله عزوجل ، فإن طرق الاداء والتعبير قد تختلف وتتعدد ، ولكن المؤدى والمعبر عنه بها جميعا شيء واحد وهو كلام الله عزوجل ، فإن الكلام انما ينسب لمن قاله مبتدئا لا إلى من بلغه مؤديا.
وهذا الذي ذكره في حكم أصوات القارئين ومداد الكاتبين وأنها مخلوقة ، أنما يتأتى اذا كان ثمة واسطة في الأداء والتبليغ ، كقراءة المخلوق للقرآن. وأما إذا انتفت تلك الواسطة وكان الكلام مسموعا من الله عزوجل مباشرة كما في تكليم موسى عليهالسلام ، فالمخلوق هنالك هو نفس السمع الذي هو أدرك المسموع ، وأما المسموع نفسه فهو كلام الله لا شيء منه بمخلوق ، فإنه نعت الله وصفته.
هكذا فرق الإمام أحمد والإمام البخاري وغيرهما من أئمة أهل السنة بين