تنزيل رب العالمين وقوله |
|
اللفظ والمعنى بلا روغان |
الشرح : هذا بيان لمذهب أهل السنة والجماعة في صفة كلام الرب جل شأنه فالله عندهم لم يزل متكلما ، لأن الكلام صفة كمال ، ومن يتكلم من المخلوقين أكمل ممن لا يتكلم ، والله لم يزل ولا يزال متصفا بصفات الكمال كلها ومنها الكلام ، والكلام من صفات الأفعال التابعة لمشيئته وارادته ، فهو يتكلم متى شاء وكيف شاء ، فهو من الافعال الاختيارية التابعة لمشيئته وحكمته.
وهو سبحانه يتكلم بحروف وأصوات يسمعها من يكلمه كما كلم موسى عليهالسلام عند مجيئه للميقات وناداه من جانب الطور الايمن وقربه نجيا ، وكما يكلم عباده المؤمنين يوم القيامة ويسلم عليهم ويبشرهم برحمة منه ورضوان ، وقد تمت كلماته سبحانه وأحكمت ، صدقا في اخباره وعدلا في أحكامه ، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم.
والدليل على أن الكلام المسموع المتلو صفة لله غير مخلوق أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله استعاذ بكلمات الله من شر ما خلق ، ومعلوم أنه لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق ، بل لا يستعاذ الا بأسمائه تعالى وصفاته. والقرآن كذلك عين كلامه المسموع منه على الحقيقة ، فقد تكلم الله به بألفاظه ومعانيه بصوت نفسه وسمعه منه جبريل عليهالسلام وبلغه الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما سمعه. وهو كله قول الله وكلامه غير مخلوق ، لا فرق بين لفظه ومعناه ، خلافا لمن زعم أن المعنى قديم يرجع إلى صفة قديمة وأن اللفظ حادث مخلوق. فالقرآن كله تنزيل رب العالمين وقوله.
ولا شك أن المنزل هو كلام الله وليس هو الفاظا فقط دون معان ، ولا هو معان بلا الفاظ ، بل هو الفاظ دالة على معانيها ، فهو كلام الله المنزل من عنده بألفاظه ومعانيه ، فتخصيص المعنى دون اللفظ بالقدم ، وكونه غير مخلوق روغان عن الحق ومكابرة للدليل.
* * *