قال محمد بن الفضيل البلخيّ : سمعت حاتما السّقطيّ : سمعت ابن المبارك يقول : أبو مطيع له المنّة على جميع أهل الدنيا (١).
قلت : حاتم لا يعرف ، وما اعتقد في ابن المبارك أنّه يطلق مثل هذه العبارة.
قال محمد بن الفضيل البلخيّ : وقال حاتم : قال مالك بن أنس لرجل :
من أين أنت؟
قال : من بلخ.
قال : قاضيكم أبو مطيع إنّه قام مقام الأنبياء (٢).
قال محمد بن الفضيل : سمعت عبد الله بن محمد العابد يقول : جاء كتاب ، يعني من الخلافة ، وفيه لوليّ العهد : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (٣) ليقرأ على الناس.
فسمع أبو مطيع فدخل على الوالي وقال : بلغ من خطر الدّنيا أنّا نكفر بسببها. وكرّر هذا مرارا حتى أبكى الأمير وقال له : إنّي معك ولكن لا أجترئ بالكلام ، فتكلّم وكن منّي آمنا (٤).
وكان أبو مطيع قاضيا فذهب [الناس إلى الجمعة]. وذهب أبو معاذ متقلّدا سيفا. وأخّرا يوم الجمعة ، فارتقى أبو مطيع المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم أخذ لحيته وبكى وقال : يا معشر المسلمين بلغ من خطر الدنيا أن تجرّ إلى الكفر. من قال (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) لغير يحيى بن زكريّا فهو كافر.
قال : فرجّ أهل المسجد بالبكاء وهرب اللّذان أتيا بالكتاب (٥).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٨ / ٢٢٤.
(٢) تاريخ بغداد ٨ / ٢٢٤.
(٣) سورة مريم ، الآية ١٢.
(٤) تاريخ بغداد ٨ / ٢٢٤.
(٥) تاريخ بغداد ٨ / ٢٢٤.