وقال محرز بن عون : كنت عند الفضيل ، وأتى هارون ، ويحيى بن خالد ، وولده جعفر ، فقال له يحيى : هذا أمير المؤمنين يا أبا عليّ يسلّم عليك. قال : أيّكم هو؟ قالوا : هذا قال : يا حسن الوجه ، لقد طوّقت أمرا عظيما (١) ، وكرّرها. ثم قال : حدّثني عبيد المكتّب ، عن مجاهد في قوله تعالى (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (٢) قال : الأوصال التي كانت في الدنيا. وأومأ بيده إليهم.
قال مردويه : سمعت الفضيل يقول : لو كانت لي دعوة مستجابة ما صيّرتها إلّا في الإمام. لو صيّرتها في نفسي لم تنجدني ، ومتى صيّرتها في الإمام إصلاح العباد والبلاد (٣).
وعنه قال : لو كان دخولي على الخليفة كلّ يوم لكلّمته في علماء السّوء ، أقول : يا أمير المؤمنين لا بدّ للناس من راع ، ولا بدّ للراعي من عالم يشاوره ، ولا بدّ له من قاض ينظر في أحكام المسلمين. وإذا كان لا بدّ من هذين فلا يأتك عالم ولا قاض إلّا على حمار بإكاف ، فبالحريّ ، أن يؤدّوا إلى الرّاعي النّصيحة. يا أمير المؤمنين متى تطمع العلماء والقضاة أن يؤدّوا إليك النصيحة ومركب أحدهم كذا وكذا.
قال فضيل بن عبد الوهاب : سمعت الفضيل بمكّة يقول لهم : لا تؤذوني ما خرجت إليكم. حتى بال نحوا من ستّين مرة.
قال محمد بن زنبور المكّيّ وغيره : أحصر بول الفضيل ، فرفع يديه وقال : اللهمّ بحبّي لك إلّا ما أطلقته ، فما رحنا حتى بال (٤).
قال عبد الله بن خبيق : قال الفضيل : تباعد من القرّاء ، فإنّهم إن أحبّوك
__________________
(١) حتى هنا في حلية الأولياء ٨ / ١٠٥.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٩٩.
(٣) حلية الأولياء ٨ / ٩١ وفيه زيادة ، ربيع الأبرار ٤ / ٢٢٣ ، الجليس الصالح ٣ / ١٨٥ ، وفيات الأعيان ٤ / ٤٨ ، المصباح المضيء ١ / ١٤٩.
(٤) حلية الأولياء ٨ / ١٠٩.