فصل
من السؤال والبيان
إن سألك سائل عن أول ما فرض عليك؟
فقل : النظر المؤدي إلى معرفة الله.
فإن قال : لم زعمت ذلك؟
فقل : لأنه ـ سبحانه ـ أوجب معرفته ، ولا
سبيل إلى معرفته إلاّ بالنظر في الأدلة المؤدية إليها.
فإن قال : فإذا كانت المعرفة باللّه ـ جل
وعز ـ لا تدرك إلا بالنظر ، فقدحصل
المقلد غير عارف باللّه.
فقل : هو كذاك.
فإن قال : فيجب أن يكون جميع المقلدين
في النار.
فقل : إن العاقل المستطيع إذا أهمل
النظر والإعتبار ، واقتصر على تقليد الناس ، فقد خالف اللّه تعالى وانصرف عن أمره ومراده ، ولم يكفه تقليده في أداء
فرضه ، واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه.
غير انّا نرجو العفو عمّن قلد المحق
والتفضل عليه ، ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولانعتقده فيه.
وكلّ مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته
ونهاية إدراكه وفطنته ، وأما المقصّر الضعيف الذي ليس له استنباط صحيح ، فإنه
يجزيه التمسك ـ في الجملة ـ بظاهر ما عليه المسلمون.
فإن قال : كيف يكون التقليد قبيحاً من
العقلاء المميزين ، وقد قلد الناس رسول الله صلىاللهعليهوآله
فيما أخبر به عن رب العالمين ، ورضي بذلك عنهم ، ولم يكلفهم ما تدعون؟
__________________