والله ـ تبارك وتعالى ـ لايعذب عبداً بعد التوبة والإستغفار إلا بسوء ظنه ، وتقصيره في رجائه لله عز وجل ، وسوء خلقه ، واغتيابه للمؤمنين. وليس يحسن ظن عبد مؤمنبالله عز وجل إلا كان عند ظنه به ، لأن الله تعالى كريم يستحي أن يخلف ظن عبدهورجاءه ، فأحسنوا الظن بالله ، وارغبوا إليه ، فإن الله تعالى يقول : ( الظانين بالله ظنّ السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعدّ لهم جهنم وساءت مصيرا ) (١) و (٢).
وقد روي : ان الله تعالى قال : « أنا عند ظن عبدي بي ، فلا يظن بي إلا خيراً » (٣) وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : « الثقة بالله حصن لايتحصن به إلا مؤمن ، والتوكل عليه نجاة من كل سوء وحرزمن كل عدو ».
وروي أن الله تعالى إذا حاسب الخلق ، يبقى رجل قد فضلت سيئاته على حسناته ، فتأخذه الملائكة إلى النار ـ وهو يتلفت ـ فيأمر الله بردّه ، فيقول له : لم تتلفت؟ ـ وهو أعلم به ـ فيقول : يا رب ، ما كان هذا حسن ظني بك ، فيقول الله تعالى : ملائكتي ، وعزتي وجلالي ، ما أحسن هذا عبدي ظنه بي يوماً ، ولكن انطلقوا به إلى الجنة لادّعائه حسن الظن (٤).
وروي أن الله تعالى يقول ـ حين يجمع بين الناس ، ولبعضهم على بعض حقوق ، وله قبله تبعات ـ : عبادي ما كان لي قبلكم فقد وهبته لكم ، فهبوا لبعضكم تبعات بعض ، وادخلوا الجنة جميعاً برحمتي (٥).
وبالجملة ان الله سبحانه وتعالى أمر بمكارم الأخلاق ، من العفو والحلم والكرم والتجاوز والعطف والرحمة والإغضاء ، ورغب في ذلك وأحب فاعله ، ومقت تاركه ، فهو سبحانه أحق بأن يعمل بما أمر به واحبه ، أفيأمر بهذه الخصال الحميدة الجميلة ، ولا يعمل بها؟ حوشي من ذلك ، وجل وعلا.
__________________
١ ـ الفتح ٦ : ٤٨.
٢ ـ فقه الرضا (ع) : ٣٦٠ ، عدة الداعي : ١٣٥.
٣ ـ عدة الداعي : ١٣٢.
٤ ـ عدة الداعي : ١٣٥.
٥ ـ عدة الداعي ١٣٦.