فأما المهلكات فهن : البخل ، الكبر ، والعجب ، والرياء ، والحسد ، وشدة الغضب ، وشره الطعام ، وحب المال والجاه.
والمنجيات فهي : الندم على الذنوب ، والصبر على بلاء الله والشكر على نعمائه ، والزهد في الدنيا ، والاخلاص في الأعمال وحسن الخلق ، والخوف من الله تعالى ، والخشوع له فمهما كفي من المذمومات واحدة فيخط (١) عليها في جريده ، ويدع الفكر فيها على الباقي ، فلا يزال يدفع عن نفسه مذموماً منها إلى أن يأتي على الجميع وكذلك يطالب نفسه بالأّوصاف المنجيات ، فإذا اتصف بواحدة منها كالتوبة مثلاً والندم وخط عليها (٢) ، واشتغل بالباقي ، وهذا يحتاج إليه من علت درجته ، وشمّر جده في طلب الصالحات ، وأما اكثر الناس من المعدودين الصالحين ، فينبغي أن يثبتوا في جرائدهم المعاصي الظاهرة ، كأكل الشبهة ، وإطلاق اللسان بالغيبة والنميمة ، والثناء على النفس ، والإفراط في معاداة الأعداء ، وموالاة الأولياء ، والمداهنة مع الخلق في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإن أكثرمن يعد نفسه من الصالحين فلا ينفك عن جملة هذه المعاصي في جوارحه ، وما لم تطهر الجوارح عن الآثام ، لايمكن الإشتغال [ بعمارة القلب ] (٣) وتطهيره ، بل كل فريق من الناس يغلب عليهم نوع من المعصية ، فينبغي أن يكون تفقّدهم لها ، وتفكرهم فيها لإزالتها.
وبالجملة فينبغي للسالك طريق الصالحين ، الراغب فيما عند الله في الدار الاخرة ، أن ينزل عن قلبه حب الجاه والمال والثناء ، والتعظيم ، فإن ذلك ينبت النفاق في القلب ، لقوله صلىاللهعليهوآله : « حب الجاه والمال ، ينبت النفاق كما ينبت الماء البقل ».
وقوله صلىاللهعليهوآله : « ما ذئبان ضاريان اُرسلا في زريبة (٤) غنم ، بأكثر فساداً فيها من حب المال (٥) في دين المرء المسلم ».
ولا ينقطع حب الجاه والمال من القلب ، إلاّ بالقناعة باليسير من الرزق ، وترك
__________________
١ ـ في الأصل : فيحصل ، وما أثبتناه من تنبيه الخواطر.
٢ ـ في الأصل : وحضّ عليها ، وما أثبتناه من تنبيه الخواطر.
٣ ـ ما بين ألمعقوفين أثبتناه من تنبيه الخواطر.
٤ ـ زريبة الغنم : حظيرتها « الصحاح ـ زرب ـ ١ : ٤٢ ».
٥ ـ في تنبيه الخواطر : حب الجاه والمال.