شبهاً بهما الأنعام السائمة ، كذلك يموت العلم بموت حامليه.
اللهم بلى ، لاتخلو الأرض من حجة قائم للّه بحجته ، إمّا ظاهراً مشهوراً ، أو. خائفاً مغموراً كي لاتبطل حجج اللّه وبيّناته ، وكم ذا وأين اولئك!؟ اولئك ـ واللّه ـ الأقلّون عدداً ، والأعظمون [ عندالله ] (١) قدراً ، يحفظ الله حججه وبيّناته بهم حتى يودعوها نظراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ، وباشر روح اليقين ، واستلانوا ما استوعره المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون ، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها متعلقة بالمحل الأعلى ، اُولئك خلفاء اللّه في أرضه ، والدعاة إلى دينه سراً وجهرا ، آه آه! شوقاً إلى رؤيتهم » (٢)
وقال أيضا لكميل بن زياد : « تبذل ولا تشهر ، ووار شخصك ولا تذكر ، وتعلّم واعمل ، واسكت تسلم ، تسرّ الأبرار ، وتغيض الفجار فلا عليك إذا علّمك الله معالم دينه ، ألاّ تعرف الناس ولا يعرفوك ».
وبعد فقد جمع اللّه ـ جل جلاله ـ معاني ماقلناه وزيادة في كتابه العزيز ، بقوله سبحانه : (هل يستوى الذين يعلمون والذين لايعلمون) (٣).
وفي قوله تعالى : (انّما يخشى اللهّ من عباده العلماءُ) (٤).
وفي قوله : (كونوا ربانيين بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون) (٥).
وفي قوله : (شهد الله أنه لا إله إلاّ هو والملائكة وأولو العلم) (٦) فقرن شهادته بشهادتهم وشهادة ملائكته ، وهذا يدل على عظيم منزلتهم ، ورفيع مكانتهم ، وعلو درجتهم.
وقال سبحانه : (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (٧).
وقال سبحانه وتعالى ، حكاية عن يوسف عليهالسلام : (ذلكما مما علمني
__________________
١ ـ أثبتناه من المصدر.
٢ ـ نهج البلاغة ٣ : ١٨٦ / ١٤٧.
٣ ـ الزمر ٣٩ : ٩.
٤ ـ فاطر ٣٥ : ٢٨.
٥ ـ آل عمران ٣ : ٧٩.
٦ ـ آل عمران ٣ : ١٨.
٧ ـ النحل ١٦ : ٤٣ ، الأنبياء ٢١ : ٧.