فصل في ذكرالموت والقتل وما
بينهما والفرق بينهما (١)
إعلم ، أن الموت غير القتل ، والذي يدل على أنهما غير ان قول الله عز وجل : (أفان مات أوقتل) (٢) وقوله تعالى : (ولئن متم أوقتلتم) (٣) وقوله سبحانه : (ما ماتوا وما قتلوا) (٤) وليس يجوز أن يكون التأكيد والتكرير في لفظين يرجعان إلى معنى واحد.
ويدل على ذلك أيضاً العلم بأن الله سبحانه ليس بقاتل لمن مات حتف أنفه ، ولو قال قائل في ميت : إن الله قتله ، لعاب العقلاء عليه ، والموت والقتل عرضان وليسا بجسمين.
وقد قال شيخنا المفيد رضياللهعنه : إن القتل متولد عن الأسباب ، ومحله محل حياة الأجسام ، والموت معنى يضاد حياة الفاعل المخلوق ولايصح حلوله في الأجسام ، قال : وهذا مذهب يختص بي.
والقتل عند جميع أهل العدل من مقدورات العباد ، والموت لايقدر عليه أحد إلاّ الله عز وجل.
ولو كان القتل هو الموت لكان من ذبح فرس غيره وإبله وغنمه قد أحسن إليه ، لأن لولا ذبحه لماتت ـ على رأي من يقول : إن القتل هو الموت ـ ومعلوم خلاف ذلك ، وذاك أن القتل سبب لزوال الحياة ، لأن المقتول لو تعداه القتل لجاز من الله تعالى أن يبقيه أويميته ، ولا دليل على أحد الأمرين.
* * *
__________________
١ ـ كنز الفوائد : ١٨ ، وفيه إلى قول : ولو كان القتل هو الموت.
٢ ـ آل عمران ٣ : ١٤٤.
٣ ـ آل عمران ٣ : ١٥٨.
٤ ـ آل عمران ٣ : ١٥٦.