ومساكنكم لعلكم تسئلون ) (١) فلما أتاهم العذاب ( قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين ) (٢) وأيم الله إن هذه عظة لكم وتخويف إن أتعظتم وخفتم.
ثم رجع القول من الله ـ عز وجل ـ في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عز وجل : ( ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنّا كنّا ظالمين ) (٣) فإن قلتم ـ أيها الناس ـ : إن الله عز وجل إنما عنى بهذا أهل الشرك ، فكيف ذلك؟ وهو يقول : ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفا بنا حاسبين ) (٤)
واعلموا ـ عباد الله ـ أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ، وانما تنصب لأهل الاسلام ، فاتقوا الله ـ عباد الله ـ إن الله عز وجل لم يحب هذه الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه ، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها ، وإنما خلق الله الدنيا وخلق أهلها ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملاً لآخرته ، وأيم الله ، لقد ضرب لكم الأمثال ، وصرف الآيات لقوم يعقلون ، ولا قوة إلا بالله.
فازهدوا فيما زهدكم الله ـ عز وجل ـ فيه من عاجل الحياة الدنيا ، فإن الله ـ تبارك وتعالى ـ يقول وقوله الحق : ( إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازّيّنت وظنّ أهلها أفهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أونهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) (٥).
وكونوا ـ عباد الله ـ من القوم الذين يتفكرون ، ولا تركنوا إلى الدنيا ، فإن الله ـ جل وعز ـ قال لمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ( ولا تركنوا إلى الذين ظلَموا فتمسكم النار ) (٦).
ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ، ركون من اتخذها دار قرار ومنزل
__________________
١ ـ ٢ ـ الانبياء ٢١ : ١٣ ـ ١٥.
٣ ـ الانبياء ٢١ : ٤٦.
٤ ـ الأنبياء ٢١ : ٤٧.
٥ ـ يونس ١٤ : ١٠.
٦ ـ هود ١١ : ١١٣.