قلت : فما الصوم؟
قال : فرض مجرى ، وعند الله أضعاف ذلك.
فقلت : فأي الرقاب أفضل؟
قال : أعلاها ثمناً ، وأنفسها عند أهلها.
قلت : فأي الجهاد أفضل؟
قال : من عقر جواده ، واهريق دمه.
قلت : أي آية أنزلها الله عليك (١) أعظم؟
قال : آية الكرسي.
قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف ابراهيم عليهالسلام؟
قال : كانت أمثالاً كلها ، وفيها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردها وإن كانت من كافر أو فاجر ، ففجوره على نفسه.
وكان فيها : على العاقل ـ ما لم يكن مغلوباَ على عقله ـ أن يكون له ساعات : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يفكر فيها في صنع الله تعالى ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر ، وساعة يخلو فيها بشهوته من الحلال في المطعم والمشرب.
وعلى ، العاقل ألاّ يكون ظاعناً إلا في ثلاث : تزود لمعاد ، أو مرمة (٢) لمعاش ، أو لذة في غير محرم.
وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه.
ومن حسب كلامه من علمه ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه.
قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف موسى؟
قال : كانت اعتباراً كلها : عجباً لمن أيقن بالحساب كيف يذنب! وعجباً لمن أيقن بالجزاء كيف لايعمل! وعجباً لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالاً بعد حال ، كيف يطمئن إليها!؟
قلت : يا رسول الله ، فهل في الدنيا شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى ، فيما أنزل الله عليك؟
__________________
١ ـ في الأصل زيادة : أفضل.
٢ ـ مرمّة المعاش : إصلاحه « الصحاح ـ رمم ـ ٥ : ١٩٣٦ ».