علامة لا يهتدى به ، ومنها ما يهتدى به ، قاله مجاهد ، وقتادة ، والنّخعيّ. والثالث : الجبال ، قاله ابن السّائب ، ومقاتل. وفي المراد بالنّجم أربعة أقوال : أحدها : أنه الثّريّا ، والفرقدان ، وبنات نعش ، والجدي ، قاله السّدّيّ. والثاني : أنه الجدي ، والفرقدان ، قاله ابن السائب. والثالث : أنه الجدي وحده ، لأنه أثبت النّجوم كلّها في مركزه ، ذكره الماوردي. والرابع : أنه اسم جنس ، والمراد جميع النّجوم ، قاله الزّجّاج. وقرأ الحسن ، والضّحّاك ، وأبو المتوكّل ، ويحيى بن وثّاب : «وبالنّجم» بضمّ النون وإسكان الجيم ، وقرأ الجحدريّ : «وبالنّجم» بضمّ النون والجيم ، وقرأ مجاهد : «وبالنجوم» بواو على الجمع. وفي المراد بهذا الاهتداء قولان : أحدهما : الاهتداء إلى القبلة. والثاني : إلى الطريق في السّفر.
(أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨) وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩))
قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) يعني : الأوثان ، وإنما عبّر عنها ب «من» لأنهم نحلوها العقل والتّمييز ، (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) يعني : المشركين ، يقول : أفلا تتّعظون كما اتّعظ المؤمنون؟ قال الفرّاء : وإنما جاز أن يقول : (كَمَنْ لا يَخْلُقُ) ، لأنه ذكر مع الخالق ، كقوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) (١) ، والعرب تقول : اشتبه عليّ الراكب وجمله ، فما أدري من ذا من ذا ، لأنهم لمّا جمعوا بين الإنسان وغيره صلحت «من» فيهما جميعا.
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللهِ لا تُحْصُوها) قد فسّرناه في سورة إبراهيم (٢).
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ) أي : لما كان منكم من تقصيركم في شكر نعمه (رَحِيمٌ) بكم إذ لم يقطعها عنكم بتقصيركم.
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) (١٩) ، روى عبد الوارث ، إلّا القزّاز «يسرون» و «يعلنون» بالياء.
(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١))
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) ، قرأ عاصم : يدعون ، بالياء.
قوله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) يعني : الأصنام. قال الفرّاء : ومعنى الأموات هاهنا : أنها لا روح فيها. قال الأخفش : وقوله : (غَيْرُ أَحْياءٍ) توكيد.
قوله تعالى : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ، «أيّان» بمعنى : «متى». وفي المشار إليهم قولان : أحدهما : أنها الأصنام ، عبّر عنها كما يعبّر عن الآدميين. قال ابن عباس : وذلك أنّ الله تعالى يبعث الأصنام لها أرواح ومعها شياطينها ، فيتبرّؤون من عبادتهم ، ثم يؤمر بالشياطين والذين كانوا يعبدونها إلى النار. الثاني : أنهم الكفّار ، لا يعلمون متى بعثهم ، قاله مقاتل.
__________________
(١) سورة النور : ٤٥.
(٢) سورة إبراهيم : ٣٤.