رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. والثاني : لأنها تثنّى في كلّ ركعة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. قال ابن الأنباري : والمعنى : آتيناك السّبع الآيات التي تثنّى في كلّ ركعة ، وإنما دخلت «من» للتّوكيد ، كقوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) (١). وقال ابن قتيبة : سمّي «الحمد» مثاني ، لأنها تثنّى في كلّ صلاة. والثالث : لأنها ما أثني به على الله تعالى ، لأنّ فيها حمد الله وتوحيده وذكر مملكته ، ذكره الزّجّاج. والرابع : لأنّ فيها «الرّحمن الرّحيم» مرّتين ، ذكره أبو سليمان الدّمشقي عن بعض اللغويين ، وهذا على قول من يرى التّسمية منها. والخامس : لأنها مقسومة بين الله تعالى وبين عبده.
(٨٥١) ويدلّ عليه حديث أبي هريرة «قسمت الصّلاة بيني وبين عبدي».
والسادس : لأنها نزلت مرّتين ، ذكره الحسين بن الفضل. والسابع : لأنّ كلماتها مثنّاة ، مثل : الرّحمن الرّحيم ، إيّاك إيّاك ، الصّراط صراط ، عليهم عليهم ، غير غير (٢) ، ذكره بعض المفسّرين. ومن أعظم فضائلها أنّ الله تعالى جعلها في حيّز ، والقرآن كلّه في حيز ، وامتنّ عليه بها كما امتنّ عليه بالقرآن كلّه.
والقول الثاني : أنها السّبع الطّول ، قاله ابن مسعود في رواية ، وابن عباس في رواية ، وسعيد بن جبير في رواية ، ومجاهد في رواية ، والضّحّاك. فالسّبع الطّول هي : (البقرة) ، و (آل عمران) ، و (النساء) ، و (المائدة) ، و (الأنعام) ، و (الأعراف) ، وفي السّابعة ثلاثة أقوال : أحدها : أنها (يونس) ، قاله سعيد بن جبير. والثاني : (براءة) ، قاله أبو مالك. والثالث : (الأنفال) و (براءة) جميعا ، رواه سفيان عن مسعر عن بعض أهل العلم. قال ابن قتيبة : وكانوا يرون (الأنفال) و (براءة) سورة واحدة ، ولذلك لم يفصلوا بينهما. قال شيخنا أبو منصور اللغويّ : هي الطّول بضمّ الطاء ، ولا تقلها بالكسر ، فعلى هذا ، في تسميتها بالمثاني قولان : أحدهما : لأنّ الحدود والفرائض والأمثال ثنّيت فيها ، قاله ابن عباس. والثاني : لأنها تجاوز المائة الأولى إلى المائة الثانية ، ذكره الماوردي.
والقول الثالث : أنّ السّبع المثاني سبع معان أنزلت في القرآن : أمر ؛ ونهي ، وبشارة ، وإنذار ، وضرب الأمثال وتعداد النّعم ، وأخبار الأمم ، قاله زياد بن أبي مريم.
والقول الرابع : أنّ المثاني : القرآن كلّه ، قاله طاوس ، والضّحّاك ، وأبو مالك ، فعلى هذا ، في تسمية القرآن بالمثاني أربعة أقوال : أحدها : لأنّ بعض الآيات يتلو بعضا ، فتثنّى الآخرة على الأولى ، ولها مقاطع تفصل الآية بعد الآية حتى تنقضي السّورة ، قاله أبو عبيدة. والثاني : أنه سمّي بالمثاني لما يتردّد فيه من الثّناء على الله عزوجل. والثالث : لما يتردّد فيه من ذكر الجنّة ، والنّار ، والثّواب ، والعقاب. والرابع : لأنّ الأقاصيص ، والأخبار ، والمواعظ ، والآداب ، ثنّيت فيه ، ذكرهنّ ابن الأنباري. وقال ابن قتيبة : قد يكون المثاني سور القرآن كلّه ، قصارها وطوالها ، وإنما سمّي مثاني ، لأنّ الأنبياء
____________________________________
(٨٥١) تقدم في سورة الفاتحة ، رواه الشيخان.
__________________
(١) سورة محمد : ١٥.
(٢) كلمة «غير» هي غير مكررة في سورة الفاتحة ، وإنما في العطف ما يدل عليها ، فهي مقدرة لا ظاهرة أي : «غير المغضوب عليهم وغير الضالين».