بالنّصب ، «والسماوات» بخفض التاء ، ولا خلاف في نصب «غير». وفي معنى تبديل الأرض قولان : أحدهما : أنها تلك الأرض ، وإنّما يزاد فيها وينقص منها ، وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها ، وتمدّ مدّ الأديم ، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس.
(٨٤١) وقد روى أبو هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) قال : «يبسطها ويمدّها مدّ الأديم».
والثاني : أنها تبدّل بغيرها. ثم فيه أربعة أقوال (١) : أحدها : أنها تبدّل بأرض غيرها بيضاء كالفضّة لم يعمل عليها خطيئة ، رواه عمرو بن ميمون عن ابن مسعود ، وعطاء عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد. والثاني : أنها تبدّل نارا ، قاله أبيّ بن كعب. والثالث : أنها تبدّل بأرض من فضّة ، قاله أنس بن مالك. والرابع : تبدّل بخبزة بيضاء ، فيأكل المؤمن من تحت قدميه ، قاله أبو هريرة ، وسعيد بن جبير ، والقرظيّ. وقال غيرهم : يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغ من حسابهم.
فأمّا تبديل السّماوات ، ففيه ستة أقوال : أحدها : أنها تجعل من ذهب ، قاله عليّ عليهالسلام. والثاني : أنها تصير جنانا ، قاله أبيّ بن كعب. والثالث : أنّ تبديلها : تكوير شمسها وتناثر نجومها ، قاله ابن عباس. والرابع : أنّ تبديلها : اختلاف أحوالها ، فمرّة كالمهل ، ومرّة تكون كالدّهان ، قاله ابن الأنباري. والخامس : أنّ تبديلها أن تطوى كطيّ السّجلّ للكتاب. والسادس : أن تنشق فلا تظلّ ، ذكرهما الماوردي.
قوله تعالى : (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) أي : خرجوا من القبور.
(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١))
قوله تعالى : (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ) يعني : الكفّار (مُقَرَّنِينَ) يقال : قرنت الشيء إلى الشيء : إذا
____________________________________
(٨٤١) ضعيف. هو بعض حديث الصور ، أخرجه الطبراني في «الطوال» ٣٦ ، وأبو الشيخ في «العظمة» ٣٨٨ و ٣٨٩ و ٣٩٠ ، والبيهقي في «البعث» ٦٦٨ و ٦٦٩ ، والطبري ٢ / ٣٣٠ و ٣٣١ و ٢٠٩٦٢ من طرق عن إسماعيل بن رافع تارة عن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة. وتارة عن محمد بن زياد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة. وتارة عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن رجل من الأنصار عن محمد بن كعب عن أبي هريرة. وتارة عن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة. وأيا كان فمداره على إسماعيل بن رافع ، ولم يتابعه على هذا الحديث بطوله أحد ، وهو واه. وانظر مزيد الكلام عليه في سورة الأنعام عند الآية : ٧٣.
__________________
(١) قال الطبري رحمهالله في «تفسيره» ٧ / ٤٨٣ : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : يوم تبدّل الأرض التي نحن عليها اليوم يوم القيامة غيرها ، وكذلك السماوات اليوم تبدل غيرها ، كما قال جل ثناؤه.
وجائز أن تكون المبدلة أرضا أخرى من فضة ، وجائز أن تكون نارا وجائز أن تكون غير ذلك ، ولا خبر في ذلك عندنا من الوجه الذي يجب التسليم له أي ذلك يكون ، فلا قول في ذلك يصح إلا ما دل عليه ظاهر التنزيل.