ثلاث نفخات : الأولى : نفخة الفزع. والثانية : نفخة الصّعق. والثالثة : نفخة القيام لربّ العالمين». قال ابن عباس : وهذه النّفخة المذكورة في هذه الآية هي الأولى ، يعني : نفخة الصّعق.
قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ) وهو ما غاب عن العباد مما لم يعاينوه ، (وَالشَّهادَةِ) وهو ما شاهدوه ورأوه. وقال الحسن : يعني بذلك السّرّ والعلانية.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤))
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ) في «آزر» أربعة أقوال : أحدها : أنّه اسم أبيه ، روي عن ابن عباس ، والحسن ، والسّدّيّ ، وابن إسحاق. والثاني : أنّه اسم صنم ، فأما اسم أبي إبراهيم ، فتارح ، قاله مجاهد. فيكون المعنى : أتتّخذ آزر أصناما؟ فكأنه جعل أصناما بدلا من آزر ، والاستفهام معناه الإنكار. والثالث : أنّه ليس باسم ، إنما هو سبّ بعيب ، وفي معناه قولان : أحدهما : أنّه المعوجّ ، كأنه عابه بزيغه وتعويجه عن الحقّ ، ذكره الفرّاء. والثاني : أنّه المخطئ ، فكأنّه قال : يا مخطئ أتتّخذ أصناما؟ ذكره الزّجّاج. والرابع : أنّه لقب لأبيه ، وليس باسمه ، قاله مقاتل بن حيّان. قال ابن الأنباريّ : قد يغلب على اسم الرجل لقبه ، حتى يكون به أشهر منه باسمه. والجمهور على قراءة «آزر» بالنّصب. وقرأ الحسن ، ويعقوب بالرفع. قال الزّجّاج : من نصب ، فموضع «آزر» خفض بدلا من أبيه ؛ ومن رفع فعلى النداء.
(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥))
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ) أي : وكما أريناه البصيرة في دينه ، والحقّ في خلاف قومه ، نريه (مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). وقيل : «نري» بمعنى أرينا. قال الزّجّاج : والملكوت بمنزلة الملك ، إلّا أنّ الملكوت أبلغ في اللغة ، لأنّ الواو والتاء يزادان للمبالغة ؛ ومثل الملكوت : الرّغبوت والرّهبوت. قال مجاهد : ملكوت السماوات والأرض : آياتها ؛ تفرّجت له السماوات السّبع ، حتى العرش ، فنظر فيهنّ ، وتفرّجت له الأرضون السّبع ، فنظر فيهنّ. وقال قتادة : ملكوت السّماوات : الشّمس والقمر والنّجوم ، وملكوت الأرض : الجبال والشّجر والبحار. وقال السّدّيّ : أقيم على صخرة ، وفتحت له السماوات والأرض ، فنظر إلى ملك الله عزوجل ، حتى نظر إلى العرش ، وإلى منزله من الجنّة ، وفتحت
____________________________________
١١ / ٣٦٨ ـ ٣٦٩ عقب حديث ٦٥١٨ ما ملخصه : وأخرجه عبد بن حميد وأبي يعلى في «الكبير» وعلي بن معبد في «الطاعة والمعصية» ومداره على إسماعيل بن رافع ، واضطرب في سنده مع ضعفه ، وأخرجه إسماعيل بن أبي زياد الشامي أحد الضعفاء في «تفسيره» عن محمد بن عجلان عن محمد القرظي واعترض مغلطاي على عبد الحق في تضعيفه الحديث بإسماعيل بن رافع ، وخفي عليه أن الشامي أضعف منه ، ولعله سرقه من إسماعيل فلزقه بابن عجلان وقد قال الدار قطني : يضع الحديث. وقد قال الحافظ ابن كثير : جمعه إسماعيل بن رافع من عدة آثار فساقه كله مساقا واحدا ا. ه. وقد صحح الحديث من طريق إسماعيل بن رافع القاضي أبو بكر بن العربي في «سراجه» وتبعه القرطبي في «التذكرة» وقول عبد الحق في تضعيفه أولى ، وضعفه قبله البيهقي ا ه كلام الحافظ ، وتكلم عليه أيضا ابن كثير رحمهالله في «البداية والنهاية» ٢ / ٢٢٣ و ٢٢٤. وخلاصة القول : أنه حديث ضعيف بهذا التمام ، وبعض ألفاظه في الصحيحين وغيرهما وبعضه في الكتاب المعتبرة وبعضه الآخر منكر لا يتابع عليه انظر «تفسير ابن كثير» ٢ / ١٩٠.