(٥٣٤) روى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصّور ، فقال : «هو قرن ينفخ فيه. وقال مجاهد : الصّور كهيئة البوق. وحكى ابن قتيبة : أنّ الصّور : القرن ، في لغة قوم من أهل اليمن ، وأنشد :
نحن نطحنا غداة الجمعين |
|
بالضّابحات في غبار النّقعين |
نطحا شديدا لا كنطح الصّورين (١) |
وأنشد الفرّاء :
لو لا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم |
|
ولا خراسان حتّى ينفخ الصّور (٢) |
وهذا اختيار الجمهور.
والثاني : أنّ الصّور جمع صورة ؛ يقال : صورة وصور ، بمنزلة سورة وسور ، كسورة البناء ؛ والمراد نفخ الأرواح في صور الناس ، قاله قتادة ، وأبو عبيدة. وكذلك قرأ الحسن ، ومعاذ القارئ ، وأبو مجلز ، وأبو المتوكّل «في الصّور» بفتح الواو. قال ثعلب : الأجود أن يكون الصّور : القرن ، لأنه قال عزوجل : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) ؛ ثمّ قال : (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) ؛ ولو كان الصّور ، كان : ثم نفخ فيها ، أو فيهنّ ؛ وهذا يدلّ على أنه واحد ؛ وظاهر القرآن يشهد أنه ينفخ في الصّور مرّتين.
(٥٣٥) وقد روى أهل التّفسير عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الصّور قرن ينفخ فيه
____________________________________
(٥٣٤) حسن صحيح. أخرجه أبو داود ٤٧٤٢ والترمذي ٢٤٣٠ و ٣٢٤٤ والنسائي في «الكبرى» ١١٣١٢ و ١١٣٨١ و ١١٤٥٦ وأحمد ٢ / ١٦٢ و ١٩٢ والدارمي ٢ / ٣٢٥ وابن حبان ٧٣١٢ والحاكم ٢ / ٤٣٦ و ٥٠٦ و ٤ / ٥٦٠ وأبو نعيم في «الحلية» ٧ / ٢٤٣ والمزي في «تهذيب الكمال» ٤ / ١٣٠ وابن المبارك في «الزهد» ١٥٩٩.
وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وحسنه الترمذي كلهم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٥٣٥) هو بعض حديث الصور المطول. أخرجه الطبراني في «الطوال» ٣٦ ، وأبو الشيخ في «العظمة» ٣٨٨ و ٣٨٩ و ٣٩٠ ، والبيهقي في «البعث» ٦٦٨ و ٦٦٩ ، والطبري ٢ / ٣٣٠ و ٣٣١ و ١٧ / ١١٠ و ٢٤ / ٣٠ و ٦١ و ٣٠ / ٢٦ و ٣١ و ٣٢ وإسحاق بن راهويه كما في «المطالب العالية» ٢٩٩١ من طرق عن إسماعيل بن رافع ، وهو واه ، فرواه تارة عن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة وتارة عن محمد بن زياد عن محمد بن كعب عن أبي هريرة وتارة عن محمد بن يزيد ابن أبي زيادة عن رجل من الأنصار عن محمد بن كعب عن أبي هريرة ، وتارة عن محمد بن كعب القرظي عن رجل من الأنصار عن أبي هريرة. وأيا كان فمداره على إسماعيل بن رافع ، ولم يتابعه على هذا الحديث بطوله أحد ، وهو واه. جاء في الميزان ٨٧٢ : ضعفة أحمد ويحيى وجماعة ، وقال الدار قطني وغيره : متروك ، وقال ابن عدي : أحاديثه كلها فيها نظر ا ه.
باختصار. وقد اضطرب فيه كما سبق. وقد نص الحفاظ على وهن هذا الحديث بطوله فقال الحافظ في «المطالب العالية» ٢٩٩١ : فيه ضعف ا. ه. وقال البوصيري ، في ١ / ٢١ : تابعيه مجهول. وجاء في الفتح
__________________
(١) الرجز في «غريب القرآن» : ٢٦ بدون نسبة ، والأول والثالث في «اللسان» صور. والضابحات : الخيل.
(٢) البيت : بدون نسبة في «معاني القرآن» للفراء ١ / ٢٤٠ واللسان : صور. وابن جعدة هو عبد الله بن جعدة بن هبيرة المخزومي. والقهندز : بضم القاف والهاء وسكون النون وضم الدال من لغة خراسان ، يعنون بها الحصن أو القلعة. وقد استشهد الفراء وابن جرير على أن العرب تقول : نفخ في الصور ، ونفخ الصور.