اتّبعوا سبيلنا ، واتركوا دين محمّد ، فقال تعالى : (قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) فنكون كرجل كان مع قوم على طريق ، فضلّ ، فحيّرته الشّياطين ، وأصحابه على الطريق يدعونه : يا فلان هلمّ إلينا ، فإنّا على الطّريق ، فيأبى.
(٥٣٣) وقال ابن عباس : نزلت هذه الآية في عبد الرّحمن بن أبي بكر الصّدّيق ، دعاه أبوه وأمّه إلى الإسلام فأبى. قال مقاتل : والمراد بأصحابه : أبواه (١).
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) هذا ردّ على من دعا إلى عبادة الأصنام ، وزجر عن إجابته ، كأنّه قيل له : لا تفعل ذلك ، لأنّ هدى الله هو الهدى ، لا هدى غيره.
قوله تعالى : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ) قال الزّجّاج : العرب تقول : أمرتك أن تفعل ، وأمرتك لتفعل ، وأمرتك بأن تفعل. فمن قال : «بأن» فالباء للإلصاق. والمعنى : وقع الأمر بهذا الفعل ، ومن قال : «أن تفعل» فعلى حذف الباء ؛ ومن قال : «لتفعل» فقد أخبر بالعلّة التي لها وقع الأمر. قال : وفي قوله : (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وجهان : أحدهما : أمرنا لأن نسلم ، ولأن نقيم الصّلاة. والثاني : أن يكون محمولا على المعنى ، لأنّ المعنى : أمرنا بالإسلام ، وبإقامة الصّلاة.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣))
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) فيه أربعة أقوال : أحدها : خلقهما للحقّ. والثاني : خلقهما حقّا. والثالث : خلقهما بكلامه وهو الحقّ. والرابع : خلقهما بالحكمة.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ) قال الزّجّاج : الأجود أن يكون منصوبا على معنى : واذكر يوم يقول كن فيكون ، لأنّ بعده (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) فالمعنى : واذكر هذا وهذا. وفي الذي يقول له كن فيكون ، ثلاثة أقوال : أحدها : أنه يوم القيامة ، قاله مقاتل. والثاني : ما يكون في القيامة. والثالث : أنه الصّور ، وما ذكر من أمر الصّور يدلّ عليه ، قالهما الزّجّاج. قال : وخصّ ذلك اليوم بسرعة إيجاد الشيء ، ليدلّ على سرعة أمر البعث.
قوله تعالى : (قَوْلُهُ الْحَقُ) أي : الصّدق الكائن لا محالة (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ). وروى إسحاق بن يوسف الأزرق عن أبي عمرو ؛ «ننفخ» بنونين. ومعنى الكلام : أن الملوك يومئذ لا ملك لهم ، فهو المنفرد بالملك وحده ، كما قال : (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (٢). وفي «الصّور» قولان : أحدهما : أنه قرن ينفخ فيه.
____________________________________
(٥٣٣) باطل. عزاه المصنف لابن عباس ، وهو من رواية أبي صالح كما في «تفسير القرطبي» ٧ / ٢٠ وأبو صالح غير ثقة في ابن عباس وراويته الكلبي يضع الحديث ، والمتن باطل.
__________________
(١) قول مقاتل هذا باطل وهو من بدع التأويل.
(٢) سورة الانفطار : ١٩.