هما تفلا في فيّ من فمويهما |
|
على النّابح العاوي أشدّ لجاميا |
فزاد واوا بعد الميم ليصلح شعره. ومثل هذه الأشياء لا يحمل عليها كتاب الله النّازل بالفصاحة ، لأنها من ضرورات الشّعراء.
والقول الرابع : أنه همّ أن يضربها ويدفعها عن نفسه ، فكان البرهان الذي رآه من ربّه أنّ الله أوقع في نفسه أنه إن ضربها كان ضربه إيّاها حجّة عليه ، لأنّها تقول : راودني فمنعته فضربني ، ذكره ابن الأنباري.
والقول الخامس : أنه همّ بالفرار منها ، حكاه الثّعلبيّ ، وهو قول مرذول ، أفتراه أراد الفرار منها ، فلمّا رأى البرهان أقام عندها؟! قال بعض العلماء : كان همّ يوسف خطيئة من الصّغائر الجائزة على الأنبياء ، وإنما ابتلاهم بذلك ليكونوا على خوف منه ، وليعرّفهم مواقع نعمته في الصّفح عنهم ، وليجعلهم أئمّة لأهل الذّنوب في رجاء الرّحمة. قال الحسن : إنّ الله تعالى لم يقصص عليكم ذنوب الأنبياء تعييرا لهم ، ولكن لئلّا تقنطوا من رحمته. يعني الحسن أنّ الحجّة للأنبياء ألزم ، فإذا قبل التّوبة منهم ، كان إلى قبولها منكم أسرع.
(٨١١) وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ما من أحد يلقى الله تعالى إلّا وقد همّ بخطيئة أو عملها ، إلّا يحيى بن زكريا ، فإنه لم يهمّ ولم يعملها».
قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) جواب «لو لا» محذوف. قال الزّجّاج : المعنى : لو لا أن رأى برهان ربّه لأمضى ما همّ به. قال ابن الأنباري : لزنى ، فلمّا رأى البرهان كان سبب انصراف الزّنا عنه. وفي البرهان ستة أقوال :
أحدها : أنه مثل له يعقوب. روى ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال : نودي يا يوسف ، أتزني فتكون مثل الطّائر الذي نتف ريشه فذهب يطير فلم يستطع؟ فلم يعط على النّداء شيئا ، فنودي الثانية ، فلم يعط على النّداء شيئا فتمثّل له يعقوب فضرب صدره ، فقام ، فخرجت شهوته من أنامله. وروى الضّحّاك عن ابن عباس قال : رأى صورة أبيه يعقوب في وسط البيت عاضّا على أنامله ، فأدبر هاربا ، وقال : وحقّك يا أبت لا أعود أبدا. وقال أبو صالح عن ابن عباس : رأى مثال يعقوب في الحائط عاضّا
____________________________________
(٨١١) متن واه بمرة ، شبه موضوع ، فيه زيادة تدل على بطلانه. أخرجه ابن المنذر كما في «تفسير ابن كثير» ١ / ٣٦٩ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا فإن الله تعالى يقول : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً) قال : «وإنما ذكره مثل هدبة الثوب». وكذا ذكره الديلمي في «الفردوس» ٤٧٨٨ وفي الإسناد سويد بن سعيد ، وقد ضعفه الجمهور وهو الذي جاء بحديث «من عشق فعف ...» وقال فيه ابن معين : لو كان لي فرس ورمح غزوت سويدا. وقال البخاري : منكر الحديث. وقد قال البخاري في تاريخه ، كل من قلت عنه منكر الحديث فلا يحل الرواية عنه. اه راجع ترجمته في «الميزان». وله طريق أخرى عند الطبري ٦٩٧٦ وفيه ابن إسحاق مدلس وقد عنعن ، والظاهر أنه سمعه من ضعيف فأسقطه ، فقد كرره الطبري ٦٩٧٧ بإسناد صحيح عن ابن المسيب من قوله وهو أشبه وكرره ٦٩٧٩ بإسناد آخر عنه أيضا ، و ٦٩٧٨ عن ابن المسيب عن عبد الله بن عمرو موقوفا وهو أشبه ، فإن المتن منكر أن يكون من كلام النبي صلىاللهعليهوسلم ، والراجح أنه متلقى عن أهل الكتاب هذا ما تميل إليه النفس والله أعلم. وقد رجح الوقف السيوطي في «الدر» ٢ / ٣٩.