إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) ، قال ابن قتيبة : يحتالوا لك حيلة ويغتالوك. وقال غيره : اللام صلة ، والمعنى : فيكيدوك. والعدوّ المبين : الظّاهر العداوة.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦))
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) قال الزّجّاج ، وابن الأنباري : ومثل ما رأيت من الرّفعة والحال الجليلة ، يختارك ربّك ويصطفيك من بين إخوتك. وقد شرحنا في الأنعام معنى الاجتباء. وقال ابن عباس : يصطفيك بالنّبوّة. قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه تعبير الرّؤيا ، قاله ابن عباس ومجاهد ، وقتادة ، فعلى هذا سمّي تأويلا لأنه بيان ما يؤول أمر المنام إليه. والثاني : أنه العلم والحكمة ، قاله ابن زيد. والثالث : تأويل أحاديث الأنبياء والأمم والكتاب ، ذكره الزّجّاج. قال مقاتل : و «من» ها هنا صلة. قوله تعالى : (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) فيه ثلاثة أقوال : أحدها : بالنّبوة ، قاله ابن عباس. والثاني : بإعلاء الكلمة. والثالث : بأن أحوج إخوته إليه حتى أنعم عليهم ، ذكرهما الماوردي (١). وفي (آلِ يَعْقُوبَ) ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم ولده ، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني : يعقوب وامرأته وأولاده الأحد عشر ، أتمّ عليهم نعمته بالسّجود ليوسف ، قاله مقاتل. والثالث : أهله ، قاله أبو عبيدة ، واحتجّ بأنك إذا صغّرت الآل ، قلت : أهيل. قوله تعالى : (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) قال عكرمة : فنعمته على إبراهيم أن نجّاه من النار ، ونعمته على إسحاق أن نجّاه من الذّبح. قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) أي : عليم حيث يضع النّبوة (حَكِيمٌ) في تدبير خلقه.
(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧))
قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) أي : في خبر يوسف وقصّة إخوته آيات أي : عبر لمن سأل عنهم ، فكلّ حال من أحواله آية. وقرأ ابن كثير «آية» (٢).
(٨٠٦) قال المفسّرون : وكان اليهود قد سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قصّة يوسف ، فأخبرهم بها كما في التّوراة ، فعجبوا من ذلك.
____________________________________
(٨٠٦) باطل لا أصل له. هو بعض حديث مطوّل ، أخرجه البزار ، ٢٢٢ ، والطبري ١٨٧٩٢ ، وابن حبان في «المجروحين» ١ / ٢٥٠ ، والعقيلي ١ / ٢٥٩ / ٣١٦ ، والبيهقي في «الدلائل» ٦ / ٢٧٧ وابن الجوزي في «الموضوعات» ١ / ١٤٦ من حديث ابن جابر ، ومداره على الحكم بن ظهير ، وهو متروك. وقال ابن حبان : لا أصل له من حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام ، والحكم يروي الموضوعات ووافقه ابن الجوزي ، وقال : واضعه يريد شين الإسلام بمثل هذا. اه. وضعفه ابن كثير ٢ / ٥٧٧. والصواب أنه باطل لا أصل له ، وهو من الإسرائيليات.
__________________
(١) انظر «تفسير الماوردي» ٣ / ٨.
(٢) قال الطبري رحمهالله ٧ / ١٥١ : والذي هو أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك على الجماع لإجماع الحجة من القراء عليه.