للرؤساء إلى الإسلام ، فلما نزلت : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) ، جاء عمر بن الخطّاب يعتذر من مقالته ويستغفر منها ، فنزلت فيه هذه الآية ، قاله ابن السّائب.
(٥٢٤) والخامس : أنها نزلت مبشّرة بإسلام عمر بن الخطّاب ؛ فلما جاء وأسلم ؛ تلاها عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حكاه أبو سليمان الدّمشقيّ.
فأمّا قوله تعالى : (يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) فمعناه : يصدّقون بحججنا وبراهيننا.
قوله تعالى : (فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ) فيه قولان : أحدهما : أنه أمر بالسّلام عليهم تشريفا لهم ؛ وقد ذكرناه عن الحسن ، وعكرمة. والثاني : أنه أمر بإبلاغ السّلام إليهم عن الله تعالى ، قاله ابن زيد. قال الزّجّاج : ومعنى السّلام : دعاء للإنسان بأن يسلم من الآفات. وفي السّوء قولان : أحدهما : أنه الشّرك. والثاني : المعاصي.
وقد ذكرنا في سورة النساء معنى الجهالة.
قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحمزة والكسائيّ : «إنّه من عمل منكم سوءا» «فإنّه غفور» بكسر الألف فيهما. وقرأ عاصم ، وابن عامر : بفتح الألف فيهما. وقرأ نافع. بنصب ألف «أنّه» وكسر ألف «فإنّه غفور». قال أبو عليّ : من كسر ألف «إنّه» جعله تفسيرا للرّحمة ؛ ومن كسر ألف «فإنّه غفور» فلأنّ ما بعد الفاء حكمه الابتداء ، ومن فتح ألف «أنّه من عمل» جعل «أنّ» بدلا من الرّحمة ، والمعنى : كتب ربّكم «أنّه من عمل» ، ومن فتحها بعد الفاء أضمر خبرا تقديره : فله «أنّه غفور رحيم» والمعنى : فله غفرانه. وكذلك قوله تعالى : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) (١) معناه : فله أنّ له نار جهنّم ، وأما قراءة نافع ، فإنه أبدل من الرّحمة : واستأنف ما بعد الفاء.
(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (٥٥))
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي : وكما فصّلنا لك في هذه السورة دلائلنا وأعلامنا على المشركين ، كذلك نبيّن لك حجّتنا في كلّ حقّ ينكره أهل الباطل. قال ابن قتيبة : ومعنى تفصيلها : إتيانها متفرّقة شيئا بعد شيء.
قوله تعالى : (وَلِتَسْتَبِينَ) وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر : «ولتستبين» بالتاء ، «سبيل» بالرفع. وقرأ نافع ، وزيد عن يعقوب : بالتاء أيضا ، إلّا أنهما نصبا السبيل. وقرأ حمزة ، والكسائيّ ، وأبو بكر عن عاصم : «وليستبين» بالياء ، «سبيل» بالرفع. فمن قرأ (وَلِتَسْتَبِينَ) بالياء أو التاء ، فلأنّ السبيل تذكر وتؤنث على ما بيّنّا في آل عمران ، ومن نصب اللام ، فالمعنى : ولتستبين أنت يا محمّد سبيل المجرمين. وفي سبيلهم التي بيّنت له ، قولان : أحدهما : أنها طريقهم في الشّرك ، ومصيرهم إلى الخزي ، قاله ابن عباس. والثاني : أنها مقصودهم في طرد الفقراء عنه ، وذلك إنما هو الحسد ، لا إيثار مجالسته واتّباعه ، قاله أبو سليمان.
____________________________________
(٥٢٤) لم أقف عليه ، وأمارة الوضع لائحة عليه ، فالمتن منكر ، وليس له أصل.
__________________
(١) سورة التوبة : ٦٣.