قاله الحسن. والثاني : حساب الأرزاق. والثالث : أنه بمعنى الكفاية. والمعنى : ما عليك من كفايتهم ، ولا عليهم كفايتك.
قوله تعالى : (فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) قال ابن الأنباريّ : عظم هذا الأمر على النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وخوّف بالدّخول في جملة الظالمين ، لأنه كان قد همّ بتقديم الرّؤساء على الضّعفاء.
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣))
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) المعنى : وكما ابتلينا قبلك الغنيّ بالفقير ، ابتلينا أيضا بعضهم ببعض. و «فتنّا» بمعنى : ابتلينا واختبرنا ؛ (لِيَقُولُوا) ، يعني الكبراء : (أَهؤُلاءِ) يعنون الفقراء والضّعفاء (مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ) بالهدى؟ وهذا استفهام معناه الإنكار ، كأنهم أنكروا أن يكونوا سبقوهم بفضيلة. قال ابن السّائب : ابتلى الله الرّؤساء بالموالي ؛ فإذا نظر الشريف إلى الوضيع قد آمن قبله ، أنف أن يسلم ، ويقول : سبقني هذا!
قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) أي : بالذين يشكرون نعمته إذا منّ عليهم بالهداية. والمعنى : إنما يهدي الله من يعلم أنه يشكر. والاستفهام في «أليس» ، معناه التّقرير ، أي : إنه كذلك.
(وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤))
قوله تعالى : (وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) اختلفوا فيمن نزلت على خمسة أقوال :
(٥٢٠) أحدها : أنها نزلت في رجال أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : إنّا أصبنا ذنوبا عظيمة ، فسكت عنهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية ، قاله أنس بن مالك.
(٥٢١) والثاني : أنها نزلت في الذين نهي عن طردهم ، فكان النبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا رآهم بدأهم بالسّلام ، وقال : «الحمد لله الذي جعل في أمّتي من أمرني أن أبدأهم بالسّلام» ، قاله الحسن وعكرمة.
(٥٢٢) والثالث : أنها نزلت في أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وحمزة ، وجعفر ، وعثمان بن مظعون ، وأبي عبيدة ، ومصعب بن عمير ، وسالم ، وأبي سلمة ، والأرقم بن أبي الأرقم ، وعمّار ، وبلال ، قاله عطاء.
(٥٢٣) والرابع : أنّ عمر بن الخطّاب كان أشار على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بتأخير الفقراء ، استمالة
____________________________________
(٥٢٠) ليس له أصل عن أنس ، وإنما ورد عن ماهان وهو أبو صالح الحنفي الكوفي أخرجه الطبري ١٣٢٩٤ و ١٣٢٩٥ عن ماهان مرسلا. وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٣٦ بدون إسناد عن ماهان. وعزاه في «الدر» ٣ / ٢٦ للفريابي وعبد بن حميد ومسدد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ماهان ، وتفرد المصنف بنسبته لأنس.
(٥٢١) ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٣٥ بدون سند عن عكرمة مرسلا وسيأتي في سورة الكهف.
(٥٢٢) عزاه المصنف لعطاء ، فهو مرسل ، ولم أقف على إسناده ، ولا يصح.
(٥٢٣) عزاه المصنف للكلبي ، وهو ممن يضع الحديث ، فخبره هذا لا شيء.