والثالث : الحقّ ، قاله مجاهد ، وقتادة.
والرابع : المخرج من الضّلالات والشّبه ، قاله أبو العالية.
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) : قال ابن عباس : قالوا : لا إله إلّا الله. قال ابن الأنباري : الحسنى : كلمة مستغنى عن وصفها ونعتها ، لأنّ العرب توقعها على الخلّة المحبوبة المرغوب فيها المفروح بها ، فكان الذي تعلمه العرب من أمرها يغني عن نعتها ، فكذلك المزيد عليها محمول على معناها ومتعرّف من جهتها ، يدلّ على هذا قول امرئ القيس :
فلمّا تنازعنا الحديث وأسمحت |
|
هصرت بغصن ذي شماريخ ميّال |
فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا |
|
ورضت فذلّت صعبة أيّ إذلال |
أي : إلى الأمر المحبوب. وهصرت بمعنى : مددت. والغصن كناية عن المرأة. والباء مؤكّدة للكلام كما تقول العرب : ألقى بيده إلى الهلاك ، يريدون : ألقى يده. والشّماريخ (١) : كناية عن الذّوائب. ورضت معناه : أذللت. ومن أجل هذا قال : أيّ إذلال ، ولم يقل : أيّ رياضة.
وللمفسّرين في المراد بالحسنى خمسة أقوال :
(٧٨٠) أحدها : أنها الجنّة ، روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبه قال الأكثرون.
والثاني : أنها الواحدة من الحسنات بواحدة ، قاله ابن عباس. والثالث : النّصرة ، قاله عبد الرّحمن بن سابط. والرابع : الجزاء في الآخرة ، قاله ابن زيد. والخامس : الأمنيّة ، ذكره ابن الأنباري.
وفي الزّيادة ستة أقوال : أحدها : أنّها النّظر إلى الله عزوجل.
(٧٨١) روى مسلم في «صحيحه» من حديث صهيب عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الزّيادة : النّظر إلى
____________________________________
مثلا صراطا مستقيما ، على كنفي الصراط داران لهما أبواب مفتحة ، على الأبواب ستور ، وداع يدعو على رأس الصراط ، وداع يدعو فوقه ، والله يدعو إلى دار السلام ، ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، والأبواب التي على كنفي الصراط حدود الله ، فلا يقع أحد في حدود الله حتى يكشف الستر ، والذي يدعو من فوقه واعظ ربه». وله شاهد من مرسل أبي قلابة : أخرجه الطبري ١٧٦٢١ ، فهو شاهد لما قبله.
(٧٨٠) الراجح وقفه ، أخرجه الطبري ١٧٦٣٣ ، من حديث أبي موسى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ولفظ الحديث بتمامه : «إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي أهل الجنة بصوت يسمع أولهم وآخرهم : إن الله وعدكم الحسنى وزيادة ، فالحسنى : الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الرحمن» ، وإسناده ضعيف جدا ، فيه أبان بن أبي عياش ، وهو متروك. وله شاهد من حديث أبي بن كعب ، أخرجه الطبري ١٧٦٤٨ ، وإسناده ضعيف ، فيه راو لم يسم. وله شاهد من حديث أنس ، أخرجه الدار قطني في «الرؤية» ٦٧ وفيه نوح بن أبي مريم ، وهو متهم بالوضع. فهذا شاهد لا يفرح به.
ـ والحديث الأول ضعيف جدا ، وأما الثاني فضعيف فحسب ، وقد روى الطبري هذا الخبر موقوفا ومقطوعا ، وهو الراجح فالمرفوع ضعيف ، والصحيح وقفه على الصحابة والتابعين ، والله تعالى أعلم.
(٧٨١) أخرجه مسلم (١٨١) والترمذي ٣١٠٥ والنسائي في «التفسير» (٢٥٤) وابن ماجة (١٨٧) وأحمد ٤ / ٣٣٢ ، ٣٣٣ ـ ٦ / ١٥ ، ١٦ وابن خزيمة في «التوحيد» ١ / ٤٤٣ ـ ٤٤٦ ، وعبد الله بن أحمد في «السنة» ١ / ٢٤٣ ،
__________________
(١) في «القاموس» الشّمراخ : بالكسر ، العثكال عليه بسر أو عنب.